يدركه ناظر بصير ... وخاطر عاطر سليم

أما ترى الاختلاف فيه ... والدور في الحد مستقيم

فقال الطبيب أيها المهذار إلى متى هذا الإكثار اترك الكلام المهمل المرسل ودع الهذيان والمزخرف المسلسل هب أنك تعرف دقائق السماوات وتستخرج أحكام النجوم من الزيجات، وتعلم رسوم الأرصاد ورقوم التقاويم، وتضبط حوادث الأيام ودقائق الأقاليم، فهل استفدت من هذه الحقائق والأسرار شيئاً سوى المحوسة والافلاس والإدبار:

يا من يروم من النام معيشة ... لم لا تروم من النجوم النيرة

شهدت عليك إذاً بأنك كاذب ... أحوالك المختلة المتغيرة

أنكرت يا أعمى البصيرة قدرة ... هي للنجوم السائرات مسيرة

يا عارف الأفلاك هل لك حاصل ... من شمسها أو خمسها المتحيرة

ضيعت عمرك فيما لا ينفعك مثقال حبة ونسيت حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه، بدنك بيتك سكنت فيه عمراً لم تعرف سقفه وجدرانه وجسدك دارك أقمت فيه دهراً لم تعلم

أركانه وحيطانه فهلا عرفت آفاق الأنفس ومطالع الإدراك أضممت تشريح الأبدان إلى تشريح الأفلاك وهلا فكرت في نفسك وآلاتها ونظرت إلى عينك وطبقاتها وإلى سمعك وصفاته وإلى لسانك ولغاته تدرك بوهم وتبصر بشحم وتسمع بعظم وتنطق بلحم، فإن كانت لك فكرة، ففي كل عضو منك عبرة أما تتفكر في أفراد الانسان أنهم أشباه وأمثال كيف اتحدوا في النوع واختلفوا في الصور والأشكال وكيف تغايروا بالحياة والألوان والأصوات وتباينوا في الأخلاق والآراء والصفات:

ومن صنف الانسان أني وجدتهم ... وإن كان صنفاً بالسواء صنوفا

فرب ألوف لا تماثل واحدا ... وربّ فريد قد يكون ألوفا

وكم من كثير لا يسدون ثلمة ... وكم واحد فيهم يعدّ صفوفا

ألا إن الانسان صفوة الموجودات وخلاصة المكونات وعلة خلق الأرض والسماوات وسبب تكوين البسائط والمركبات نتيجة إيجاد الأفلاك المستديرة وواسطة إبداع النجوم المستنيرة وواقف أسرار اللاهوت وعالم سرائر الملكوت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015