فقت الزهور جميعها بتقدمي ... فأنا المقيم على الوفا يا متهمي

أدعو الندامى بالمسرة والهنا ... وكما علمت شمائلي وتكرمي

وآتي الجليس بناظري وأروقه ... حسناً وساقي في يديه ومعصمي

وأغض طرفي إن خلا بحبيبه ... وأصون سر العاشق المتكنم

وإذا غفا المحبوب كنت لحفظه ... خوفاً عليه من الدبيب المجرم

وأغازل الأجفان وهي نواعس ... وإليّ تشبيه اللواحظ ينتمي

وترى حجيج اللهو حولي طائفاً ... وجميع أيامي كيوم الموسم

أين العيون من الخدود نفاسة ... لولا فساد قياس من لم يعلم

فافهم وكن عن رتبتي متاخراً ... واعلم بأن الفضل للمتقدم

فاحمر خد الورد والتهب وظهرت في وجهه صورة الغضب، وقال يا قويّ العين ويا لون اللجين، خلّ عنك الحماقة، ولا تدخل في باب مالك به طاقة فلقد استحقيت المقت، ولا أبالي بك ولو برقت كيف تفاخر بصفارك حمرة الخدود ومن أين لبياض أجفانك المغازلة للعيون السود، أتناظر بعماشك عيون الملاح؟ ما أنت يا عيون النرجس إلا وقاح أتعيرني بحسن الابتلاء وهو الفضل، وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل) طالما ابتليت فصبرت وما شكوت حالي بل شكرت أبيت بزفرة لا تخمد وأدمعي تتحدر وانفاسي تتصعد أحبس بلا ذنب وأعصر فتجري دموعي وما هي إلا مهجة تذوب فتقطر وما ضر ابراهيم إلقاؤه في نار النمروذ ولا شان يوسف سجنه مع فضله المشهود مع أني طالما لثمت الثغور والعناق وفزت بالشم والضم والعناق زكا مني الأصل والفرع ولا انزل بواد غير ذي زرع وأقسم ببديع حسني وتسبيح أوراقي وسموّي عن مراعاة النظير بتوجيه طباقي ما أنت مجانسي في المقابلة ولا موازني في المشاكلة ولا لاحقي في الطي والنشر وأنا سيد زهر الربيع ولا فخر فلا تطل الشقاق والنفاق لا بدّ لك من الوقوف في خدمتي ولو قامت الحرب على ساق أي فضل لك في التقديم وكم بين الحبيب والكليم وإن أردت كشف التلبيس فتفكر في فضل آدم على ابليس، وكم بين الشمس والنجوم - وما منا إلا له مقام معلوم - وهل أنت إلا من بعض جنودي والمبشرين بوردي وأنا منك بالفضل أولى -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015