يذُودُون عن رِئْمٍ هناك مُشَرَّدٍ ... ومِن عادة الآرام تعْطُو ولا تُعْطَى

ولم أنْسَ إذْ عاطَيْتهُ أكْؤُسَ الهوى ... وبات يُعاطِيني رُضاباً بلِ اسْفَنْطَا

وقام بلالُ الخالِ في صُبحِ جِيدهِ ... يُراعِي ثُرَيَّا قَرَّطُوه بها قُرْطَا

بجِيدٍ مَسَحْتُ الدَّمْعَ فهو ابنُ مُقْلَةٍ ... تَناوَل طُوماراً وأعْجَمَه نَقْطَا

لقد طَرَّزَ الرَّيْحانُ صَفْحَة خَدِّه ... طِرازاً على يَاقُوتِ وَجْنتِه اخْتَطَّا

ثلاثٌ غدَتْ أمْضى شَباً من شَبا الْقَضَا ... وأجْرَى من الأقْدارِ في الحُكْمِ بل أسْطَى

لَواحِظُ مَن أهْوَى وسيفُ ابنِ طالبٍ ... وأقْلامُ مولانا عليَّ إذا خَطَّا

قد انْعَقدتْ للكاتِبين أناملٌ ... على أن باديه بباديه ذي الأَنْطَا

ومَن رام في دُنْياه شَقَّ عَصاهُمُ ... فذاك الذي رام القَتادةَ والخَرْطا

رَبيبُ سَرِيرِ المُلْكِ دُرَّةُ تَاجِهِ ... ومُوسَى زمانٍ ناصرٌ يُضْعِف القِبْطَا

سقَى مِن يَراع العِلْم كلَّ قريحةٍ ... كما أن موسى مِن عصاه سَقَى السِّبْطَا

لقد أطْلَعْتُه الغربُ شمسَ مَعارفٍ ... بأعْتابِه رَحْل الأفاضِل قد حَطَّا

أمولايَ فكرِي مثلُ جسمِيَ صائمٌ ... عن الشِّعْرِ مذ رَبْعُ الحبيبِ به شَطَّا

ولكنه لمَّا اسْتَهَلَّ هِلالُكم ... وكان له عِيدا سَلا الرَّبْعَ والشَّحْطَا

وهاتيك أقلامي بدَتْ بمَدِيحكم ... وقد يظْهر التَّنْويرُ في الشَّمْعِ إن قُطَّا

ورِفْعةُ ذِكْراكم بِشعْرِي توثَّبتْ ... فَعَفْواً لقد يُكْسَى شبابُ الفتى وَخْطاَ

فأجاب، وتأخَّر الجواب إلى العيد، فضمَّنه تهنئةً به، فقال:

غَدا لفُراتَ الرِّيق عارِضُه شَطَّا ... فباهَى مَقامات الْحرِيري وإسْفَنطَا

وأنْبتَ في نار الخُدُودِ شَقائقاً ... وكيف ترى في النارِ نبْتاً ولو خَمْطَا

وراعَى بِلَحْظِ الخدِّ بَاناً وقال لا ... تقولُوا مُراعاةُ النظيرِ من الإِبْطَا

وسَالِفُه مَعْ ظَلْمِه بجهالةٍ ... يقول صِفُونِي بالشُّعورِ وما أخْطَا

غزالٌ ولكن كيف ينْشَط طَرْفُه ... لقتْلِيَ وهُو الفاترُ الكاسِلُ الأَبْطَا

على خَدِّه خالٌ به عُرِفَ الهوى ... ومن نُقْطِ شكلِ الحرفِ قد تعْرِفُ الخَطَا

وفي ثَغْرِه الأحْلَى وفي صَلْدِه أرَى ... مُداماً مُصَفىًّ كالزُّلالةِ والحَوْطَا

الحوط: لَوح من الذَّهب مكتوبٌ تضَعُه المرأة على صدرها.

بروُحي فتىً أفْنَى بقتلِيَ رَهْطَهُ ... ومَعْ قَوْلهم بالقتلِ أكْرمهم رَهْطَا

قَضَوا بِتلافِي في شريعةِ قَدِّهِ ... وكيف وفي الشَّهباءِ أقْضَى الورَى الأحْطَا

هو السِّيدُ العُرْضِيُّ أعني محمداً ... إمام الهدى بل والنَّدَى العالِمُ الأَعْطَا

أخو العلم بالمعقول أمّا ذكاؤُه ... فباهَى به اليُونانَ والرُّومَ والقِبْطَا

وذو الحِفْظِ للمنقولِ أمّا نُصوصُه ... ففاق بها مَن حَصَّل الفِقْه والحلْطَا

الحلط: كتاب في مذهب الإمام مالك، رحمه الله تعالى.

به الجهلُ وَلَّى والعلومُ بِحَلْقِه ... كأمْواجِ بحرٍ قد تكنَّفتِ الشَّطَّا

بحيث تَرَى جَوْزَ العلوم ونَسْرَها ... تلاها كخَود إثْرَها جَرَّتِ المِرْطَا

وكان كثيراً ما يَلْهَج بذكرِ أوْجَلَةَ مُنْتَجَعِ شبابِه، ومُرْتَبَعِ أحْبابِه.

فأنشدني هذين البيتَيْن، فأعجبتْني رِقَّتُهما، ولم أدْرِ هل هما له أم لا فخمَّسْتُهما وهما والتَّخْميس:

بشَمْعَةِ كافورٍ من الجيدِ قد أضَتْ ... لَيالٍ برَيعانِ الشَّبابِ قد انقضَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015