فترضيه بنو تيم بما يريد، وفي ذلك يقول عبد الله بن قيس الرقيات:

والذي إن أشار نحْوَك لَطْماً ... تَبِع اللَّطْمَ نائِلٌ وعَطاءُ

ونحو هذا ما يحكى عن بعض الأسخياء من الأمراء، أنه أفرط في الجود، فحجر عليه أهله، ومنعوه من أن يعطى شيئاً، فأنفذ إليه بعض الشعراء قصيدةً، فكتب إليه أن اذهب إلى القاضي، وادع علي بعشرين ألف درهم من جهة قرض، فأعترف لك، فإذا حبست وصلتك الدراهم من أهلي، فإنهم لا يدعوني أنام في الحبس.

ففعل ذلك، وأخذ الدراهم منهم.

ومن شعره المنتخب من ديوانه قوله من مقصورته النبوية، التي مطلعها:

أيا شقيقَ الرَّوْضِ حَيَّاه الْحَيَا ... فاحْمَرَّ وردُ خَدِّه من الْحَيَا

لأنتَ تِرْبُ الغُصْنِ نَشْوانَ إذا ... أدارت السُّحْبُ له خَمْرَ النَّدَى

وامْتلأتْ كاسُ الشَّقِيقِ سُحْرَةً ... فاحْمَرَّ من خَجْلَتِه خَدُّ الطِّلاَ

منها ف الغزل:

شِفاءٌ وَجْدِي لَثْمُ خالِ خَدِّه ... والْحَبَّةُ السَّوْداءُ للدَّاءِ شِفَا

يتْركُنِي تَرْكَ الظلِيمِ ظَلْمُه ... وهذه شِيمةُ آرامِ الْفَلاَ

تعلَّمتْ منه الليالي غَدْرَها ... فأنْجَزتْ باليأْسِ مِيعادَ الرَّجَا

ومن وصف السحاب في الروض:

غَمائمٌ لُعْسُ الشِّفاهِ ابْتسَمتْ ... عن ثَغْرِ بارِقٍ إذا الثَّغْرُ بَكَا

تفُكُّ مِن مَحْلٍ وجَدْبٍ أسْرَهُ ... وتنْثُرُ الدُّرَّ على هامِ الرُّبَى

يسُوقها الرعدُ بصوتٍ مُذْهَبٍ ... من بَرْقِه وهْي بَطِيَّاتُ الخُطَا

ومن وصف المهمه:

لا يَلِجُ الطَّيْفُ إليه فَرَقاً ... وفيه ليستْ تهتدي كُدْرُ القَطَا

بالتُّرْسِ تسْرِي الشمسُ فوق أُفْقِهِ ... والصُّبْحُ يلْقاه بعَضْبٍ مُنْتضَى

ومن وصف المجرة:

مَجَرَّةٌ في شَفَقٍ كأنها ... والزهرُ فيها ذاتُ مَنْظرٍ زَهَا

نَهْرٌ به كَفُّ الشَّمالِ نثَرتْ ... وَرْداً ونَسْرِيناً جَنِيّاً قُطِفَا

منها:

على أغَرِّ أدْهَمٍ قد طلَعتْ ... مِن وجهِه في ظُلْمةِ الليل ذُكَا

غُرَّتُه من تحت هُدْبِ شَعْرِهِ ... طُرَّةُ صُبْحٍ تحت أذْيالِ الدُّجَا

من قول ابن نباتة في الغزل:

قلتُ وقد أبْدَى جَبِيناً واضحاً ... وفوقه لَيْلَ دَلالٍ قد دَجَا

أفْدِي الذي جَبِينُه وشَعْرُهُ ... طُرَّةُ صُبْحٍ تحت أذْيالِ الدُّجَى

أدْهَمَ قيِّدِ كُلِّ وَحْشٍ شارِدٍ ... قبَّلَه الليلُ فكُلُّه لَمَى

معنىً متداول، قال المتنبي:

نَيْلُ المُنَى وحُكْمُ نَفْسِ المُرْسِلِ

وعُقْلَةُ الظَّبْيِ وحَتْفُ المُثْقَلِ

كأنه من عِلْمِه بالمَقْتَلِ

عَلَّمه بُقْراطث فَصْدَ الأكْحَلِ

وقد ألم المتنبي فيه بقول الطائي:

كَواعِبُ أتْرابٌ لِغَيْداءَ أصْبحتْ ... وليس لها في الحُسْنِ شِكْلٌ ولا تِرْبُ

لها مَنْطِقٌ قَيْدُ النَّواظِرِ لم يزَلْ ... يرُوحُ ويَغْدُو في خَفَارتِه الحُبُّ

وأول من استأثر هذا المعنى امرؤا القيس في قوله:

وقد أغْتدِي والطيرُ في وُكُناتِها ... بمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوَابِدِ هَيْكَلِ

منها:

نجائِبُ قد طفِقَتْ أخْفافُها ... في الرَّملِ تُبْدِي لي ضمائرَ الثَّرَى

منها في المديح:

قد سترَ الجمالُ حُسْنَ وَجْهِهِ ... صَوْناً لأبْكارِ العُقول والنُّهَى

من قول الرستمي:

بُدورٌ زَهَتْهُنَّ المَحاسِنُ أن يُرَى ... لَهُنَّ نِقابٌ فالوُجوهُ سَوافِرُ

والرستمي أخذه من قول عمر بن أبي ربيعة:

ولما تنازَعْنَا الحديثَ وأسْفَرَتْ ... وُجوهٌ زَهاهَا الحُسْنُ أن تَتَقنَّعَا

وهذا أحد التواجيه لبيت المعري:

ويا أَسِيرةَ حِجْلَيْها أرى سَفَهاً ... حَمْلَ الحُلِيِّ بمَن أعْيَى على النَّظَرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015