أحِنُّ من الشوقِ الذي في جَوانِحي ... حَنِينَ غَصِيصٍ بالشَّراب قَريحِ

فسأل السيد أحمد تذييلها، فقال:

على سالِفٍ لو كان يُشْرَى زمانهُ ... شَرَيْتُ ولكن لا يُباعُ بِروُحِي

تَقضَّى وأبْقَى لاَعِجاً يسْتفِزُّه ... تألُّق بَرْقٍ أو تنسُّمُ رِيحِ

وقَلْباً إلى الأطْلالِ والضَّالِ لم يزَلْ ... نَزُوعاً وعن أفْياهُ غيرَ نَزُوحِ

فليت بذاتِ الضَّالِ نُجْبُ أحِبَّتِي ... طِلاحٌ فنِضوُ الشوقِ غيرُ طَلِيحِ

يُجشِّمُه بالأبْرَقَيْنِ مُنَيْزِلٌ ... وبَرْقٌ سَرى وَهْناً وصوتُ صَدُوحِ

وموقفُ بَيْنٍ لو أرى عنه مَوْلِجاً ... وَلَجْتُ بنفسِي فيه غيرَ شَحيحِ

صَرَمْتُ به رَبْعِي وواصلتُ أرْبُعِي ... وأرْضيْتُ تَبْريحِي وعِفْتُ نَصِيحي

وبايَنْتُ سُلْواني وكلَّ مُلَوّحٍ ... ولاءَمْتُ أشْجانِي وكُلَّ مَلِيحِ

وكلَّفْتُ نفسِي فوق طَوْقِي فلم أُطِقْ ... لِعَدِّ سَجايا مُحْسِنٍ بمديحِ

ومما قاله في تغربه:

أتَتْنِيَ سَلْمَى وهْي غَضْبَى أسِيفَةٌ ... تُساقِطُ ياقوتاً على فضةِ النَّحْرِ

تقول أمَا هذا المُقامُ ببلدةٍ ... غريباً على سَخْتِ النوائبِ والسُّمْرِ

أما تذكُر البَطْحاءَ والبيْتَ والصَّفا ... ومنزةَ الوُفَّادِ بين بني فِهْرِ

فقلتُ لها والطَّرْفُ تَدْمَى كُلومُه ... وقلبِيَ من لَذْعِ الكَلامةِ في جمْرِ

ألا فارْبَعِي عنِّي وعِي القولَ واسْمعِي ... وتُوجِعي المحزونَ باللَّوْمِ والهجْرِ

إذا جاء نصرُ اللهِ والفَتْحُ بعدَه ... فتبَّتْ يدُ الأحْزابِ في زمنِ الكُفْرِ

وإنِّي على بُعْدِ المَزارِ وقُرْبِه ... عزيزٌ على هامِ السِّماكيْن والنَّسْرِ

وله:

ألا ليت شِعْرِي هل أُلاقيكَ مَرَّةً ... وصوتَ: قبل الموتِ هل أنا سامعُ

فيا دَهْرَنا للشَّتِّ هل أنت جامِعٌ ... ويا دهرَنا بالوصلِ هل أنت راجعُ

وقال مخاطباً عمه الشريف إدريس، وقد رأى تقصيراً منه في حقه:

رأيتُك لا تُوفِي الرِّجالَ حُقوقَهمْ ... توَهَّم كِبْراً ساء ما تتوهَّمُ

وتزعُم أنِّي بالمَطامِع أرْتضِي ... هَواناً ونَفْسِي فوق ما نِلْتَ تزْعُمُ

وما مَغْنَمٌ يُدْنِي لِذُلٍ رأيتَه ... فيُقْبَلُ إلاّ وهْو عنديَ مَغْرَمُ

وأخْتارُ بالإعْزازِ عنه مَنِيَّةً ... لأنِّي من القومِ الذين هُمُ هُمُ

المصراع الأخير صدر أبيات أبي الطمحان القيني، أورد المبرد في كامله، والشريف المرتضى في أماليه، وصاحب الحماسة البصرية منها أربعة أبيات.

وهي:

وإنِّي من القومِ الذين هُمُ هُمُ ... إذا مات منهم سيِّدٌ قام صاحبُهْ

نجومُ سماءٍ كلَّما غابَ كوكبٌ ... بَدا كوكبٌ تأْوِي إليه كواكبُهْ

أضاءتْ لهم أحسابُهم ووجوهُهم ... دُجَى الليلِ حتى نظَّم الجِزْعَ ثاقبُهْ

وما زال منهم حيث كانُوا مُسوَّدٌ ... تَسِيرُ المَنايا حيث سارتْ كتائبُهْ

وأورد أبو تمام، في حماسته منها ثلاثة أبيات.

وهي:

إذا قيل أيُّ الناسِ خيرٌ قبيلةً ... وأصبرُ يوماً لا تَوارَى كواكبُهْ

فإنَّ بني لاَم بن عمرٍو أَرُومةٌ ... سمَتْ فوق صعبٍ لا تُنال مَراقبُهْ

أضاءتْ لهم أحسابُهم.......... ... ..........................إلخ

وله في الغزل:

أفي المَضارب أسيافٌ وأجْفانُ ... تصولُ أم هيَ ألْحاظٌ وأجْفانُ

أحَنَّتِ العِيسُ أم نَوْحُ الحمائمِ أم ... نسيمُ نَجْدٍ توالتْ منه أشْجانُ

لا بل هو الشوقُ يدعو الصَّبَّ نحوَهمُ ... فيستجِيبُ لهم قلبٌ وجُثْمانُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015