ولا تقُل في مَتْنِك التَّعْصِيبُ ... فما له من قِسْمَتِي نَصِيبُ

القوسُ يا قومُ لنَدْفِ القُطْنِ ... لا لاتِّخاذِ الرَّمْيِ يومَ الطَّعْنِ

كأنه في مَسْجِدٍ مِحْرابُ ... أو راكعٌ من خشْيتي مُرْتابُ

كم فُتِّتَ تحت الْبانِ كَبِدُهْ ... بِخِدْمةٍ حتى يُقاد أَوَدُهْ

أنا الذي أُحْرِزَ في الإقْدامِ ... بآيةِ الكُرْسِيِّ صَدْرَ الرَّامِي

وقال إنِّي لَثقِيلُ الجِرْمِ ... وليس يدْرِي أنَّ ذا من حِلْمِي

ونَبْلُه من خِفَّةٍ يَطيشُ ... تحلُّه مع الرِّياحِ الرِّيشُ

ما كلُّ من خَفَّ قِباً لَطِيفُ ... إن الخفيفَ عَقْلُه خَفِيفُ

فحين زادتْ منهما المُفَاخَرَهْ ... واتَّصلتْ بينهما المُشاجرَهْ

وكاد أن يُفْضِي إلى القتالِ ... بين رَصاصِ الرَّمْلِ والنِّبالِ

تجرَّد السيفُ عن القِرابِ ... وجَرَّ حَدّاً منه غَيرَ نَابِي

وانْسَلَّ ما بينهما إصْلاحَا ... وقال قد طَوَّلْتُما الكِفاحَا

والرأيُ أن تصْطِرخَا في الحالِ ... وتذْهبا عن ظُلْمةِ الإشْكالِ

إلى الصَّفِيِّ فَيْصلِ الأحْكامِ ... أحمدَ مَوْلى الحَلِّ والإبْرامِ

فإنه قد قال وهْو الحاكمُ ... وحُكْمُه فيما يقولُ لازِمُ

لابُدَّ للأصْيَدِ في الفرسانِ ... من مُرْهفٍ وذَابلٍ مُرَّانِ

وتركش مُقْترِنٌ بالقَوْسِ ... كمن مضَى من خَزْرَجٍ وأوْسِ

فراجِلٌ يمْشي بلا حُسامِ ... وبُنْدُقٍ رامٍ إلى المَرامِ

كفارسٍ يبْرُز للنِّزالِ ... من غيرِ لا سيفٍ ولا عَسَّالِ

فعند ذا فاءَا إلى الصُّلْحِ مَعا ... ونَحْوَ بابِ الأحْمَدِيِّ نَزَعَا

لَيْثٌ له كَهْفُ الفَخارِ خِيسُ ... يرْتابُ من سَطْوتِه بِرْجِيسُ

الجامعُ الَّلامَ فيومِ الْفاءِ ... في مَوْكبٍ يمْلأُ عَيْنَ الرَّائِي

رَعِيلُ شُهْبٍ تَنتقِيه الشُّهْبُ ... وعنده نارُ العِداةِ تَخْبُو

به تَمُور قُلَلُ الشَّهْباءِ ... وقَوْسُه في أُذُنِ الجَوْزاءِ

أمِيرُه سيفُ الفتوحِ أحمدُ ... لِواؤُه في كلِّ نَصْرٍ يُعْقَدُ

يا قمراً في أُفُقِ الخِلافَهْ ... دُونكَها مُجاجَة السُّلافَهْ

تخْتالُ في بُرْدٍ من الطُّروسِ ... ماشِيةً كمِشْيةِ العَرُوسِ

لها مَعانٍ للعقولِ ساحرَهْ ... فاخِرةٌ في حُلَلِ المُفاخَرَهْ

وإن تراخَتْ في قضاءِ الواجبِ ... فعُذْرُها عُذْرُ زمانٍ غالبِ

ثم الصلاةُ ما بدتْ غَزالَهْ ... على النبيِّ خاتِمِ الرِّسالَهْ

وآلِه سفينة النَّجاةِ ... وصَحْبِه أكابرِ السَّاداتِ

ومن أبدع بدائعه، قوله مخابطاً للإمام إسماعيل، وقد عرض عليه حصانان من كرائم خيله، أحدهما أسود، والآخر أبيض:

وأدْهَمٍ قد زَهَى اسْوِداداً ... مع أبْيَضٍ زانَه اخْضِرارُ

فأنتَ في رُتْبةِ المَعالِي ... يحْمِلُك الليلُ والنهارُ

وقال، وكان الإمام أراد أن يدخل مكاناً له، فهوى قنديلٌ كان معلقاً، فانكسر:

لا تعْجَبُوا إن هوَى القِنْدِيلُ مُنْكَسِراً ... فما عليه أُهَيْلَ الفَضْلِ من حَرَجِ

رأَى الإمامَ كشمسٍ في مطالِعِها ... وعند شمسِ الضُّحَى لا حَظَّ للسُّرُجِ

ومما يحاضر به، ما اتفق أن زجاجةً انشقت من ذاتها، في مجلس سلطان، فظهر منه تطيرٌ، فأنشد بعض الشعراء:

ومجلسٍ بالسرورِ مُشْتمِلٍ ... لم يَخْلُ فيه الزُّجاجُ عن أرَبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015