أنا مَن علمت فمُذْ تعرَّضْتُ الهوى ... حكمتْ بلُبِّي أعينٌ وجفونُ

للهِ ما فتكَتْ بنا ألْحاظُها ... يوم اللِّوَى تلك الظِّباءُ العِينُ

وقوله في الشمعة:

قلتُ ليلاً لصاحِبي ما ترَى الشَّم ... عَةَ تبكي مهما نظَرْتَ إليهَا

قال هذا البكاءُ ليس عليْنا ... كلُّ دمعٍ يسيلُ منها عليهَا

السيد حسين بن كمال الدين الأبزر الحلي هذا السيد في الحلة، متزين من الأدب بأجمل الحلة.

أجمع أهل بلدته، على أنه أشعر أهل جلدته، والرائد لا يكذب أهله، وهو أدرى بشعار حلته.

فمن شعره قوله؛ مذيلاً لبيت المتنبي، وأجاد:

أتى الزمانَ بَنُوه في شَبيبتهِ ... فسرَّهُم وأتيْناه على الهَرَمِ

وهم على كلِّ حالٍ أدركوا هَرَماً ... ونحن جئْنَاه بعد الموت والعَدَمِ

وبيت المتنبي منزعه قديم.

منه قول أبي تمام:

نظرتُ في السِّيَر الَّلاتِي مضَتْ فإذا ... وجدتها أكلَتْ باكُورةَ الأُمَمِ

ابن السماح:

صفَا الدهرُ مِن قبلي ودِرْدِيُّه أتى ... فلم يصْفُ لي مذ جئتُ بعدهمُ عُمْرُ

فجاءُوا إلى الدنيا وعصرُهم مضَى ... وجئتُ وعصرِي من تأخُّرِه عَصْرُ

أبو جعفر المحدث:

لَقِيَ الناسُ قبْلَنا غُرَّةَ الدهْ ... رِ ولم نَلْقَ منه إلا الذُّنابَا

المعري:

تمتَّع أبكارُ الزمان بأيْدِه ... وجِئْنا بوَهْنٍ بعد ما خَرِفَ الدهرُ

فليت الفتى كالبدرِجُدِّد عمرُه ... يعود هلالاً كلما فَنِيَ الشهرُ

كأنما الدهرُ ماءٌ كان واردَه ... أهلُ العصور وما أبْقَوْا سوى العَكِرِ

وذكر الحافظ الحجاري في المسهب، أنه سأل عمه أبا محمد عبد الله ابن إبراهيم؛ عن أفضل من لقي من الأجواد في عهد ملوك الأندلس.

فقال: يا ابن أخي، لم يقدر أن يقضي لي طروقهم في شباب أمرهم، وعنفوان رغبتهم في المكارم، ولكن اجتمعت بهم وأمرهم قد هرم، وساءت بتغيير الأحوال ظنونهم، وملوا الشكر، وضجوا من المروءة، وشغلتهم المحن والفتن فلم يبق فيهم فضلٌ للإفضال، وكانوا كما قال أبو الطيب:

أتَى الزمانَ...... إلخ.

وإن يكن أتاه على الهرم، فإنا أتيناه وهو في سياق الموت، ومع هذا فإن الوزير أبا بكر بن عبد العزيز كان يحمل نفسه ما لا يحمله الزمان، ويبتسم في موضع القطوب، فيظهر الرضا في حال الغضب، ويجتهد ألا ينصرف عنه أحدٌ غير راضٍ، فإن لم يستطع الفعل عوض عنه القول.

قلت له: فالمعتمد بن عباد كيف رأيته؟ فقال: قصدته وهو مع أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، في غزوته للنصارى المشهورة، فرفعت له قصيدةً، منها:

يا ليت شعرِي ماذا يرْتضِيه لِمَن ... ناداه يا مَوْئِلي في جَحْفَلِ النادِي

فلما انتهيت إلى هذا البيت، قال: أما ما أرتضيه لك فلست أقدر في هذا الوقت عليه، ولكن خذ ما ارتضى لك الزمان.

وأمر خادماً له فأعطاني ما أعيش في فائدته إلى الآن، فإني انصرفت به إلى المرية، وكان بها سكناه، والتجارة بها؛ لكونها ميناء لمراكب التجار، من مسلم وكافر، فاتجرت فيها، فكان إبقاء ماء وجهي على يديه.

عيسى بن حسن بن شجاع النجفي روح في قالب إنسان مصور، اقتطف القول من غصنه عندما تنور.

مرآة ذهنه انطبعت فيها صور المحاسن، وماء رؤيته جرى في حدائق الأدب وهو غير آسن.

تتمتع بحسن منظره النظار، وأراه ما تحلى بهذا الشعار، إلا لكثرة ما حلى عليه من الأنظار.

وله صمادة فكر، لا تولد غير معنىً بكر.

قرائحُ بِكْرٍ ولَّدت بنتَ فِكْرةٍ ... يطيشُ لها رأيٌ ويذكُو بها فكرُ

ولو لم تكنْ أنفاسُه عِيسَويَّةً ... لما قلَّدته من قريحتِه بِكْرُ

قال ابن معصوم في ترجمته: رحل إلى الهند، ومدح الوالد، وحصل بينهما مراسلات طويلة، ولما حصل من أمله على مراده، وقضى أربه من انتجاع مراده، ثنى عنانه للقصد إلى أوطانه وبلاده، فركب البحر قاصداً وطنه عن يقين، فحال بينهما الموج فكان من المغرقين.

ومن شعره قوله يمدح النظام والد ابن معصوم المذكور:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015