بمحاورات يحمر لها خدود الشقائق من الخجل، ومحاضرات تكاد تخلص الحياة من يد الأجل.

وله كتاب الذيل على الشقائق النعمانية، في علماء الدولة العثمانية.

أجاد فيه سجحاً وتقفية، ووفى الحسن أكمل توفية.

وكلامه في المقفى والموزون، سلوة المغموم وفرحة المحزون.

ولم يبلغني من شعره العربي إلا قوله:

ولمَّا توالتْ للزمانِ مصائبٌ ... لكلِّ رَذِيلٍ بالرَّذالةِ مُعْلَمِ

ترامتْ بهم أيدي المَنايا عن المُنَى ... إلى حيث ألْقت رَحْلها أم قَشْعَمِ

وعربت له بيتاً ذكره في ترجمة شيخ الإسلام زكريا، وقد ولي الإفتاء في سنة إحدى وألف، وهو:

في رأسِ كل مائةٍ يجِيءُ مَن ... يُجدِّدُ الدينَ بديعَ الوصفِ

ومثلُ ذا مُجدِّدٌ للدِّينِ لا ... يجِيءُ إلا واحداً في الألفِ

ولده محمد ابن أبيه، فالأصل نبيهٌ والفرع شبيه.

مشى على أثره، وضرب على محكمه في نظمه ونثره.

إلا أنه قدح، وأبوه مدح.

وتجاوز في الأمد، وشفى الحقد والكمد.

وهو وإن أتى بما عليه رونق وحلاوة، إلا أنه من هذا الأمر فالج ابن خلاوة.

فالله يعفو عنه وعني، وعن كل من يتكلم بما لا يعني.

فمن شعره قوله:

يأوِي إلى الحمَّامِ في أوطارِهم ... أهلُ المعالي عند إعْوازِ الخدَمْ

حتى إذا ما حمّلوا فوق الرِّضا ... حكمَ القضا في بيْته يُؤتَى الحَكَمْ

هذا المثل مما زعمت العرب وضعه على ألسنة البهائم، قالوا: إن الأرنب التقط ثمرةً فاختلسها الثعلب، فأكلها، فانطلقا يختصمان إلى الضب.

فقالت الأرنب: يا أبا الحسل.

فقال: سميعاً دعوت.

قالت: أتيناك لنختصم إليك.

قال: عادلاً حكمتما.

قالت: فاخرج إلينا.

قال: في بيته يؤتى الحكم.

هذا محل المقصود منه، وله تتمة طويلة.

ومما يناسب منزعه في التضمين قول بعضهم:

لنا عالم يُؤْتَى فيأتِي بحُجَّةٍ ... على ذاك من أخبار علمٍ وآياتِ

وقلنا له الإسلام يعلُو ولم يكن ... ليُعْلَى فقال العلم يُؤْتَى ولا يأتِي

محمد بن داود المعروف برياضي شاعر بارع، متسنم لرتب البراعة فارع.

تؤثره أدباؤهم على غيره، ومن أراد منهم نهج البلاغة سار على سيره.

اشتهر ذكره، واستطار شرراً فكره.

ونهض فنهضت بنهضته همم، وتكا فأسمعت كلماته من به صمم.

وله أدب شعشع به البدائع وروقها، وقلدها بمحاسنه النوادر وطوقها.

فرياض أدبه لا تعرف أزهارها الذبول، إذا ما هبت نسماتها استخلفت الصبا والقبول.

فمما عربته من مفرداته:

إذا تذكَّرتُ منه رِيقاً ... ترحَّل الصبرُ والقَرارُ

إن عَزَّوِجْدانُه بمصرٍ ... لله في الأرض قُنْدُهارُ

ومنها هذه الرباعية:

أهْوَى قمراً فاق على الأقْمارِ ... قد قيَّد بالحسن خُطَى الأبْصارِ

لا أرغبُ في الحياة إلاَّ طمعاً ... في رُؤيته فهْي مُنَى الأعْمارِ

أويس، الشهير بويسى شاعر منشٍ، وناسج موشٍ.

لا يسدي إلا ألحم، ولا يناظر إلا أفحم.

اشتهر بالإحسان اشتهار الزهر بأويس، ولم يقابل مجاريه ومباريه إلا بويح وويس.

أعرب بفنونه، واعترى القلب بفتونه.

وآثاره مما تنفع الكبراء على أسمارها، وترقم ببدائعه هالات أقمارها.

أوتي في اللسان بسطة، كما منح في اليراع نشطة.

فكأن المعاني حاضرةٌ على طرف فمه، والألفاظ مترقبةٌ لأن يجريها على بنانه وقلمه.

وقد ترجم السيرة النبوية فأحسن كل الإحسان، وأطاعته فيها الفقرات إطاعة القوافي الحسان.

فشكر صنيعه من اتسم بكمال النهى، وأحله هذا الأثر من مراقي العز فوق فرق السها.

وله غيره من الآثار في الفنون، بما يحقق تمكنه من الاطلاع للظنون.

ومن جيد معانيه المنقولة قوله:

شجَرُ الخِلافِ يقول للنَّهرِ ... أنا مُرْتَوٍ بنَوالِكَ الغَمْرِ

والنهرُ أيضاً قائلٌ وأنا ... في ظلِّ فَضْلِك دائماً أجْرِي

وحللت من أبياته: الباطل باطلٌ لا شبهة تنافيه، لكن ربما ظهر في صورة الحق فشك المفكر فيه.

عمر المعروف بنفعي ابن الرومي بعينه في الهجا، فكأن ذاك ما راح وهذا ما جا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015