قال المسقطون: مهلًا مهلًا فقد أجلبتم علينا بخيلكم ورجلكم وقد قلتم فأكثرتم وأحسنتم فأنصفونا، فإنا نقول: إن الله قد علق أحكامًا كثيرة بمسمى السفر من القصر والفطر والمسح ثلاثًا على الخفين، والعفو عن الجمعة والاستعاضة عنها بالظهر مقصورة رحمة من الله وتخفيفًا، وكل ذلك صدقة من الله على عباده فاقبلوا صدقته واكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا .... وهذه المسامحة والعفو والتخفيف لا يحل رفعها عن عباد الله والإشفاق عليهم إلا بحجة بينة من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أو إجماع متيقن أو قياس صحيح يجب المصير إليه، وأين هذا في مسألتنا؟
فأما قولكم: عموم الآية وشمولها للمسافر القار فنحن نمنع ذلك. فكما لم يجب عليه الصوم ولم يدخل في قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] كذلك لم يدخل في عموم آية الجمعة، وسبب سقوط الصوم عنه السفر بنص الآية قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]، فكذا في مسألتنا ونحن معنا فهم السلف وجمهورهم فهذا ابن عمر يقول: (لا جمعة على مسافر) فهذا عذرهم الذي عذرهم به السلف، وأنتم أبيتم ذلك!! ..
وأما قولكم: إن المسافر إن مكث بمكان لا يقطع حكم السفر فإنه لا يتنفل على الدابة ما دام نازلًا وتتوصلون بهذا إلى أحكام المسافر القار تتبعض! فنعم