احتاج إلى المكث في مكان فيه قبر جازت الصلاة فيه لما تقدم (?)، وقد ذكر شيخ الإسلام أمثلة للقاعدة المذكورة بعد أن قررها فقال: ما نهي عنه لسد الذريعة يباح للمصلحة الراجحة كما يباح النظر إلى المخطوبة، والسفر بها إذا خيف ضياعها، كسفرها من دار الحرب، مثل سفر أم كلثوم، وكسفر عائشة لما تخلفت مع صفوان بن المعطل، فإنه لم ينه عنه إلا لأنه يفي إلى المفسدة فإذا كان مقتضيًا للمصلحة الراجحة لم يكن مفضيًا إلى المفسدة.
وبكل حال، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أنه سيدفن حيث مات في حجرة عائشة، وقد علم مكثها في الحجرة فلم يقض بشيء ولم يأمر عائشة بالتحول عن الحجرة بعد موته أو ترك الصلاة فيها وهؤلاء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة نبيهم متوافرون يزورون عائشة في حجرتها بكرة وعشية ويعلمون صلاتها في الحجرة مع وجود القبر النبوي، وبعده قبر أبي بكر ثم دفن عمر، فلم يستنكروا شيئًا، مع حملهم راية الدين وتبليغ الشريعة ونشر التوحيد وإزالة كل آثار الشرك فيما طالته أيديهم ووطئتهم أقدامهم من البلاد في الجزيرة وغيرها فكيف يقرون شيئًا من ذلك في المدين النبوية؟!
وقد رأى عمر أنسًا يصلي إلى القبر فقال: القبر القبر (?). بل في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أبيائهم مساجد». فعلم أن مكث عائشة وصلاتها في الحجرة ليس سبيله من المنهي، ثم إن عائشة كانت تصلي مبتعدة عن القبور ولهذا تقدم قول شيخ الإسلام؛ ولكن كانت عائشة فيه لأنه