الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فإنه لما وقع البلاء في بعض قرى جنوب المملكة العربية السعودية بما يسمونه مرض حمى الوادي المتصدع، كتبت في هذا مقالًا أثناء ذلك الوباء الذي أسأل الله أن يصرفه عنا وعن المسلمين (?).
قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].
قال ابن كثير: (أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده، أي: يختبرهم ويمتحنهم .. فتارة بالسراء وتارة بالضراء من خوف وجوع وقوله: {بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ}، أي: بقليل من ذلك، {وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ}، أي: ذهاب بعضها، {وَالْأَنْفُسِ}، كموت الأصحاب والأقارب والأحباب، {وَالثَّمَرَاتِ}، أي: لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها.
وقوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا} أي: يتسلون بقولهم هذا عما أصابهم، وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما شاء، وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة؛ فأحدث لهم ذلك أعترافهم بأنهم عبيدة، وأنهم راجعون في الدار الآخرة، ولهذا أخبر تعالى عما