وقوله: ويحتمل أن يكون الثواب بالجنة بعد المؤاخذة بمقدار الذنب لا يصح لأنه لا فائدة، إذن للعبادة الخاصة؛ لأن دخول الجنة بعد المؤاخذة بمقدار الذنب ثابت في كل العصاة على مذهب الأشعرية، واختار ابن بزيزة أن هذه الطاعات تكفر الكبائر، قال: ويدل لذلك حديث مباهاة الملائكة عليهم السلام بالحاج؛ لأن الملائكة مطهرون مطلقًا ولا يباهي المطهر مطلقًا إلا بمطهر مطلقًا (?) ... (ثم استدل ابن بزيزة بحديث غفران الذنوب لأهل عرفة وضمان التبعات) (?).
ثم قال: (فإن قلت): قد جاء أن الجهاد يكفر كل شيء إلا الدَّين فما بال الحج يكفر كل شيء على مقتضى هذه الأحاديث، قال: (قلت): أسرار الله تعالى لا يطلع عليها غيره فنقف مع ما فهمنا ولا سبيل إلى الخروج عنه. اهـ.
وقال المباركفوري في «شرح الترمذي» (1/ 628) بعدما نقل كلام ابن عبد البر والنووي، قال: قال العلامة الشيخ محمد بن ظاهر في «مجمع البحار» ما لفظه: (لابد في حقوق الناس من القصاص ولو صغيرة وفي الكبائر من التوبة، ثم ورد وعد المغفرة في الصلوات الخمس والجمعة ورمضان فإذا تكرر يغفر بأولها الصغائر وبالبواقي يخفف عن الكبائر وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات) اهـ.
وقال شيخنا ابن باز في تعليقه على «فتح الباري» (2/ 372): وظاهر المذكور أن اجتناب الكبائر شرط لتكفير الصغائر.
وأفاد نحو هذا الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في حاشيته على «صحيح