المقدس ويصلون فيه ولا يذهبون إلى قبر الخليل .. إلى أن قال: ولم يكن أحد من الصحابة يسافر إلى المدينة لأجل قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كانوا يأتون فيصلون في مسجده ويسلمون عليه في الصلاة ويسلم من يسلم عند دخول المسجد والخروج منه وهو مدفون في حجرة عائشة فلا يدخلون الحجرة ولا يقفون خارجًا عنها في المسجد عند السور، وكان يقدم في خلافة أبي بكر وعمر أمداد اليمن الذين فتحوا الشام والعراق وهم الذين قال الله فيهم: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]، ويصلون في مسجده كما ذكرنا، ولم يكن أحد يذهب إلى القبر ولا يدخل الحجرة ولا يقوم خارجها في المسجد بل السلام عليه خارج الحجرة.
وقال في موضع آخر: ولم يعرف عن أحد من الصحابة أنه تكلم باسم زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - لا ترغيبًا في ذلك ولا غير ترغيب فعلم أن مسمى هذا الاسم لم يكن له حقيقة عندهم.
وقال أيضًا: ومن ظن أن زيارة المسجد إنما شرعت لأجل القبر فقد أخطأ ولم يقل هذا أحد من الصحابة والتابعين.
وقال - رحمه الله -: فأما السفر لأجل القبور فلا يعرف عن أحد من الصحابة، وكان عمر ومن معه من المهاجرين والأنصار يقدمون إلى بيت المقدس ولم يذهبوا إلى قبر الخليل - عليه السلام -، وكذلك سائر الصحابة الذين كانوا ببيت المقدس وسائر الشام لم يعرف عن أحد منهم أنه سافر إلى قبر الخليل - عليه السلام - ولا غيره، كما لم يكونوا يسافرون إلى المدينة لأجل القبر، وما كان قربة للغرباء فهو قربة لأهل المدينة كإتيان قبور الشهداء وأهل البقيع وما لم يكن قربة لأهل المدينة لم يكن قربة لغيرهم كاتخاذ بيته عيدًا واتخاذ قبره وقبر غيره مسجدًا وكالصلاة