نفح العبير (صفحة 157)

صلاح بدون ذلك ألبتة ولا سبيل إلى الوصول إلى السعادة والفوز الأكبر إلا بالعبور على هذا الجسر (?).

«ومن المعلوم لمن تدبر الشريعة أن أحكام عامة أفعال العباد معلومة لا مظنونة، وأن الظن فيها إنما هو قليل جدًا في بعض الحوادث لبعض المجتهدين، وأما غالب الأفعال مفادها وأحداثها فغالب أحكامها معلومة ولله الحمد، وأعني بكلمة معلومة أن العلم بها ممكن، وهو حاصل لمن اجتهد واستدل بالأدلة الشرعية عليها، لا أعني أن العلم بها حاصل لكل أحد، بل ولا لغالب المتفقهة المقلدين لأئمتهم، بل هؤلاء غالب ما عندهم ظن أو تقليد ... وهاك مثالًا فإن باب الحيض الذي هو من أشكل الفقه في كتاب الطهارة، وفيه من الفروع والنزاع ما هو معلوم، ومع هذا أكثر الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال النساء في الحيض معلومة، ومن انتصب ليفتي الناس يفتيهم بأحكام معلومة متفق عليها مئة مرة، حتى يفتيهم بالظن مرة واحدة، وإن أكثر الناس لا يعلمون أحكام الحيض وما تنازع الفقهاء فيه من أقله وأكثره وأكثر سنين الحيض وأقله، ومسائل المتحيِّرة، فهذا من أندر الموجود، ومتى توجد امرأة لا تحيض إلا يومًا؟

وإنما في ذلك حكايات قليلة جدًا، مع العلم بأنه عامة بنات آدم يحضْن، وكذلك متى توجد في العالم امرأة تحيض خمسة عشر يومًا أو تسعة عشر يومًا؟ أو امرأة مستحاضة دائمًا لا يعرف لها عادة ولا يتميز الدم في ألوانه؟ بل الاستحاضة إذا وقعت فغالب النسوة يكون تمييزها وعادتها واحدة، والحكم في ذلك بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وباتفاق الفقهاء (?).

وهذا كله حاصل لمن عقل عن الله شرعه وتدبر ما كلف به وبكَّر وجدَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015