إليه بأبصارهم، فهتف بهم كالمنادي -: يا أيّها الناس، وكررها عليهم مشيراً بيده في نواحيهم " أنتم الفقراء إلى الله ... إلى بعزيز " فاشتد وجد الناس، وانطلقت أعينهم بالبكاء، ومضى في خطبته.
وقيل (?) : إن الخليفة الناصر طلبه مرّة (?) للاستسقاء، واشتدّ عزمه (?) عليه، فتسابق الناس للمصلّى، فقال للرسول - وكان من خواص الناس -: ليت شعري، ما الذي يصنعه الخليفة سيدنا؟ فقال له: ما رأينا قطّ أخشع منه في يومنا هذا، إنّه منتبذ حائر منفرد بنفسه، لابس أخسّ (?) الثياب، مفترش التراب، وقد رمّد به على رأسه وعلى لحيته، وبكى واعترف بذنوبه وهو يقول: هذه ناصيتي بيدك، أتراك تعذّب بي الرعيّة وأنت أحكم الحاكمين لن يفوتك شيء منّي، قال الحاكي: فتهّل وجه القاضي منذر عندما سمع قوله، وقال: يا غلام احمل المطر معك فقد أذن الله تعالى بالسّقيا، إذا خشع جبار الأرض فقد رحم جبار السماء، وكان كما قال، فلم ينصرف الناس إلا عن السّقيا (?) .
وكان منذر شديد الصلابة (?) في أحكامه، والمهابة في أقضيته، وقوّة الحكومة (?) والقيام بالحق في جميع ما يجري على يده، لا يهاب في ذلك الأمير الأعظم فمن دونه.
وقال ابن الحسن النّباهي، وأصله في المطمح وغيره (?) : ومن أخبار منذر المحفوظة له مع الخليفة الناصر في إنكاره عليه الإسراف في البناء، أن الناصر كان