بما يثيره اعوجاجها، وينجلي عنه عجاجها، فقد أفادت عظيم الفوائد، ونظيم الفرائد، ونفس الفخر، ونفيس الدر، وهي لا تشكر أن كانت من الأسباب، ولا تذكر إلا يوم الملاحاة والسباب.

وإنّما يستوجب الشكر جسيماً، والثناء الذي يتضوع نسيماً، الذي شرف إذ أهدى أشرف السحاءات، وعرف بما كان من انتحاء تلك الحاء المذمومة في الحاءات، فإنّه وإن ألمّ بالفكاهة، بما أملّ من البداهة، وسمّى باسم السابق السّكيت، وكان من أمر مداعبته كيت وكيت، وتلاعب في الصفات تلاعب الصفاح والصّبا بالبانة، والصّبا بالعاشق ذي اللّبانة، فقد أغرب بفنونه، وأغرى القلوب بفتونه، ونفث بخفية الأطراف، وعبث من الكلام المشقّق بالأطراف، وعلم كيف يمحض البيان، ويخلص العقيان، فمن الحق شكره على أياديه البيض، وإن أخذ لفظة من معناه في طرف النقيض.

" تالله أيها الإمام الأكبر، والغمام المستمطر، والحبر الذي يشفى سائله، والبحر الذي لا يرى ساحله، ما أنا المراد بهذا المسلك، ومن أين حصل ذلك النور لهذا الحلك، وصح أن يقاس بين الحداد والملك إنّه لتواضع الأعزّة، وما يكون عند الكرام من الهزّة، وتحريض الشيخ للتلميذ، وترخيص في إجازة الوضوء بالنبيذ، لو حضر الذي قضي له بجانب الغربيّ أمر البلاغة، وارتضى ما له في هذه الصناعة، من حسن السبك لحليها والصياغة، وأطاعته فيما أطلعته طاعة القوافي الحسان، واتبعته فيما جمعته لكن بغير إحسان، لأذعن كما أذعنت، وظعن عن محل الإجادة كما ظعنت، وأنّى يضاهى لفرات بالنغبة، ويباهى بالفلوس من أوتي من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة، وأي حظ للكلالة بالنشب، وقد اتصل للورثة عمود النسب، هيهات والله المطلب، وشتان الدر والمخشلب، وقد سيم الغلب، ورجع إلى قياده السلب.

" وإن كنّا ممّن تقدّم لشدة الظمإ إلى المنهل، كمن أقدم إلى عين تبوك بعد النهي للعلل والنهل، فقد ظهرت بعد ذلك المعجزة عياناً، وملأ ما هنالك جناناً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015