نزيل مراكش، وبها توفّي سنة إحدى وستمائة، وولادته بسبتة عام أربعة وعشرين وخمسمائة، ودفن خارج مراكش، وقبره مشهور مقصود بإجابة الدعاء، وقد زرته مراراً كثيرة، فرأيت عليه من ازدحام الناس ما لا يوصف، وهو ترياق مجرب.
قال لسان الدين ابن الخطيب رحمه الله تعالى: كان سيدي أبو العباس السبتي - رضي الله تعالى عنه - مقصوداً في حياته، مستغاثاً به في الأزمات، وحاله من أعظم الآيات الخارقة للعادة، ومبنى أمره على انفعال العالم عن الجود، وكونه حكمة في تأثير الوجود (?) ، له في ذلك أخبار ذائعة وأمثال باهرة؛ ولمّا توفّي ظهر هذا الأثر على تربته، وتشبث بلحده، وانسحب على مكانه عادة حياته، ووقع الإجماع على تسليم هذه الدعوى، وتخطى الناس مباشرة قبره بالصدقة إلى بعثها له من أماكنهم على بعد المدى، وانقطاع الأماكن القصى (?) ، تحملهم أجنحة نياتهم فتهوي إليه بمقاصدهم من كل فج عميق، فيجدون الثمرة المعروفة والكرامة المشهورة.
وقال ابن الزيات (?) : كان أبو العباس قد أعطي بسطة في اللسان، وقدرةً على الكلام، لا يناظره أحد إلا أفحمه، ولا يسأله إلا أجابه، كأن القرآن والحجج على طرف لسانه حاضرة، يأخذ بمجامع القلوب، ويسحر العامة والخاصة ببيانه، يأتيه المنكرون للإنكار فما ينصرفون إلا مسلّمين منقادين، وشأنه كلّه عجيب، وهو من عجائب الزمانز وحدثني مشايخنا أنهم سمعوه يقول: أنا