ما صورته (?) : كان رحمه الله فريد دهره سماحة وبشاشة ولوذعية وانطباعاً، رقيق الحاشية، نافذ العزمة، مهتزاً للمديح، طلقاً للآمل، كهفاً للغريب، برمكي المائدة مهلبي الحلوى (?) ، ريان من الأدب، مضطلعاً بالرواية، مستكثراً من الفائدة، يقوم على المسائل الفقهية، ويتقدم الناس في باب التحسين والتقبيح، ورفع راية الحديث والتحديث، نفق بضاعة الطلب، وأحيا معالم الأدب، وأكرم العلم والعلماء، ولم تشغله السياسة عن النظر، ولا عاقة تدبير الملك عن المطالعة والسماع، وأفرط في اقتناء الكتب حتى ضاقت تصوره عن خزائنها، وأثرت أنديته من ذخائرها، قام له الدهر على رجل، وأخدمه صدور البيوتات وأعلام الرياسات، وخوطب من البلاد النازحة، وأمل في الآفاق النائبة؛ انتهى المقصود منه.

ومن أحسن ما رثي به الوزير ابن الحكيم رحمه الله قول بعضهم:

قتلوك ظلماً واعتدوا ... في فعلهم حد الوجوب

ورموك أشلاء، وذا ... أمر قضته لك الغيوب

إن لم يكن لك سيدي ... قبر فقبرك في القلوب وقال لسان الدين في الإحاطة في حق رحلة ذي الوزارتين ابن الحكيم ما صورته (?) : رحل إلى الحجاز الشريف من بلده على فتاء سنه أول عام ثلاثة وثمانين وستمائة، فحج وزار، وتجول في بلاد المشرق منتجعاً عوالي الرواية في مظانها، ومنقراً عنها عند مسني شيوخها، وقيد الأناشيد الغربية والأبيات المرقصة، وأقام بمكة شرفها الله من شهر رمضان إلى انقضاء المسم، فأخذ بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015