فيا طال بالأسحار ما قد تكلفت ... بإنعاش محزون وإيقاظ وسنان

وتنفيس كرب عن كئيب متيم ... يحن إلى أهل ويصبو لأوطان

فلله ما أذكى شذا نسمة الصبا ... صباحاً إذا مرت على الرند والبان

وسارت مسير الشمس وهناً فأصبحت ... من الشرق نحو الغرب تجري بحسبان

وقد وقفت بالشام وقفة حامل ... نوافج مسك من ظباء خراسان

لترتاض في تلك الرياض هنيئة ... وتزداد من أزهارها طيب أردان

وما غربت حتى تضاعفت نشرها ... بواسطتي روح هناك وريحان

فكم نحوكم حملتها من رسالة ... مدونة في شرح حالي ووجداني

وناشدتها بالله إلا تفضلت ... بتبليغ أحبابي السلام وجيراني

تحية مشتاق إلى ذلك الحمى ... وسكانه والنازحين بأظعان

سقى الله هاتيك الديار وأهلها ... سحائب تحكي صوب مدمعي القاني

وحيا ربوع الحي من خير بلدة ... تخيرها قدماً رآها بإنسان

لها الفخر والفضل المبين بما حوت ... من الأنس والحسن المنوط بإحسان

لقد حل منها آل حفص ملوكها ... مراتب تسمو فوق هامة كيوان

وسادوا بها كل الملوك وشيدوا ... بها من مباني العز أفخر بنيان

وكان لهم فيها بهاء وبهجة ... وحسن نظام لا يعاب بنقصان

وكان لهم فيها عساكر جمة ... تصول بأسياف وتسطو بمران

جيوش وفرسان يضيق بها الفضا ... ويحجم عنها الفرس من آل ساسان

وكان لأهليها المفاخر والعلا ... وكان بها حصنا أمان وإيمان

وكان على الدنيا جمال بحسنها ... وحسن بنيها من ملوك وأعيان

وكانت لطلاب المعارف قبلة ... لما في حماها من أئمة عرفان

وكان لأهل العلم فيها وجاهة ... وجاه وعز مجده ليس بالفاني

وكان بواديها المقدس فتية ... تقدس باريها بذكر وقرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015