جليقية علج خبيث يقال له بلاي من وقعة أخذ النصارى بالأندلس، وجد الفرنج في مدافعة المسلمين عما بقي بأيديهم، وقد كانوا لا يطمعون في ذلك، ولقد استولى المسلمون بالأندلس على النصرانية وأجلوهم، وافتتحوا بلادهم، حتى بلغوا أريولة من أرض الفرنجة، وافتتحوا بلبونة من جليقية، ولم يبق إلا الصخرة فإنه لاذ بها ملك يقال له بلاي، فدخلها في ثلاثمائة رجل، ولم يزل المسلمون يقاتلونه حتى مات أصحابه جوعاً، وبقي في ثلاثين رجلاً وعشر نسوة، ولا طعام لهم إلا العسل يشتارونه من خروق بالصخرة فيتقوتون به، حتى أعيا المسلمين أمرهم، واحتقروا بهم، وقالوا: ثلاثون علجاً ما عسى أن يجيء منهم فبلغ أمرهم بعد ذلك من القوة والمثرة ما لا خفاء به، وفي سنة مائة وثلاث وثلاثين، هلك بلاي المذكور، وملك ابنه فافله (?) بعده، وكان ملك بلاي تسع عشرة سنة، وابنه سنتين، فملك بعدهما أذفونش بن بيطر (?) جد بني أذفونش هؤلاء اللذين اتصل ملكهم إلى اليوم، فأخذوا ما كان المسلمون أخذوه من بلادهم، انتهى باختصار.
وقال المسعودي بعد ذكره غزوة سمورة أيام الناصر، ما صورته (?) : وأخذ ما كان بأيدي المسلمين من ثغور الأندلس مما يلي الفرنجة ومدينة أربونة (?) ، خرجت عن أيدي المسلمين سنة ثلاثمائة وثلاين مع غيرها مما كان بأيديهم من المدن والحصون، وبقي ثغر المسلمين في هذا الوقت وهو سنة 336 (?) من شرق الأندلس طرطوشة، وعلى سائر بحر الروم مما يلي طرطوشة آخذاً في الشمال إفراغه على نهر عظيم ثم لاردة، انتهى.