أمد، وبنى من المعارف أثبت عمد، إلا أن الأيام حرمته، وقطعت حبل رعايته وصرمته، فلم تتم له وطراً، ولم تسجم عليه الحظوة مطراً، ولا سوغت من الحرمة نصيباً، ولا انزلته مرعى خصيباً، فصار راكب صهوات، وقاطع فلوات، لا يستقر يوماً، ولا يستحسن نوماً، مع توهم لا يظفره بأمان، وتقلب ذهن كالزمان، إلا أن يحيى بن علي بن القاسم نزعه من ذلك الطيش، وأقطعه جانباً من العيش، وأرقاه إلى سمائه، وسقاه صيب نعمائه، وفيأه ظلاله، وبوأه أثر النعمة يجوس خلاله، فصرف به أقواله، وشرف بعواقبه فعاله، وأفرده منها بأنفس در، وقصده منها بقصائد غر، انتهى المقصود جلبه من ترجمته في المطمح.
وقال في حقه في القلائد: رافع راية القريض، وصاحب آية التصريح فيه والتعريض، أقام شرائعه، وأظهر روائعه، وصار عصيه طائعه، إذا نظم زرى بنظم العقود، وأتى بأحسن من رقم البرود، وطفا عليه حرمانه، فما صفا له زمكانه، انتهى.
وابن بقي المذكور هو القائل:
بأبي غزال غازلته مقلتي بين العذيب وبين شطي بارق
الأبيات المذكورة في غير هذا الموضع.
ومن موشحاته قوله:
غلب الشوق بقلبي فاشتكى ألم الوجد فلبت أدمعي
أيها الناس فؤادي شغف
وهو من بغي الهوى لا ينصف
كم أداريه ودمعي يكف
أيها الشادن من علمكما بسهام اللحظ قتل السبع