أموره، فلم يصبر على ذلك، واستعفى فلم يعفه، وقال: أفي مثل هذا الوقت الشديد تركن إلى الراحة فكتب إليه:

مولاي في أي وقت أنال في العيش راحه

إن لم أنلها وعمري ما إن أنار صباحه

وللملاح عيون تميل نحو الملاحه

وكأس راحي ما إن تمل مني راحه

والخطب عني أعمى لم يقترب لي ساحه

وأنت دوني سور من العلا والرجاحه

فأعفني وأقلني مما رأيت صلاحه

ما في الوزارة حظ لمن يريد ارتياحه

كل وقال وقيل ممن يطيل نباحه

أنسي أتى مستغيثاُ فاترك فديت سراحه

فلما قرأ الأبيات قال: لا ينفع الله بما لا يكون مركباً في الطبع مائلة له النفس، ثم وقع على ظهر ورقته: قد تركنا سراح أنسك، وألحقنا يومك بأمسك.

ولما رجع ثوار الأندلس إلى عبد المؤمن وبايعه عبد الملك بن سعيد فغمره إحساناً وبراً، وولي السيد أبو سعيد ابن عبد المؤمن غرناطة طلب كاتباً من أهلها، فوصف له فضل أبي جعفر وحسبه وأدبه، فاستكتبه، فطلب أن يعفيه، فأبى إلى أن شرب أبو جعفر يوماً مع خواصه، وخرج ثاني يوم إلى الصيد وكان اليوم ذا غيم وبرد، ولما اشتد البرد مالوا يوماً مع خواصه، وخرج ثاني يوم إلى الصيد وكان اليوم ذا غيم وبرد، ولما اشتد البرد مالوا إلى خيمة ناطور، وجعلوا يصطلون ويشربون على ما اصطادوا، فحمل أبا جعفر بقية السكر على أن قال يصف يومه، ويستطرد بما في نفسه:

ويوم تجلى فيه الأفق بعنبر من الغيم لذنا فيه باللهو والقنص

وقد بقيت فينا من الأمس فضلة من السكر تغرينا بمنتهب الفرص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015