إخائه، والحمد لله الذي جعلني أنشد:

وليس الذي يتبع الوبل رائداً كمن جاءه في داره رائد الوبل

ثم قام إلى خزانة، فأخرج منها عود غناء يطرب دون أن تجس أوتاره، وتلحن أشعاره، واندفع يغني دون أن أسأله ذلك، ولا أتجشم تكليفه الدخول في تلك المسالك:

ومل زلت أرجو في الزمان لقائكم فقد يسر الرحمن ما كنت أرتجي

فذكركم ما زلت أتلوه دائباً إذا ذكروا ما بين سلمى ومنعج

فلما فرغ من استهلاله وعمله قبلت رأسه، وقلت له: لا أدري علام أشكرك قبل، هل على تعجيلك بما لم تدعني أسألك في شأنه أم على ما تفردت في إحسانه فما هذا الصوت قال: هذا نشيد خسرواني من تلحيني، قال: وأنشدني لنفسه:

حننت إلى صوت النواعير سحرة فأضحى فؤادي لا يقر ولا يهدا

وفاضت دموعي مثل فيض دموعها أطارحها تلك الصبابة والوجدا

وزاد غرامي حين أكثر عاذلي فقلت له أقصر ولا تقدح الزندا

اهيم بهم في كل واد صبابة وأزداد مع طول البعاد لهم ودا

وأنشدني لنفسه:

ولقد مررت على المنازل بعدهم أبكي وأسأل عنهم وأنوح

وقال: وكتب إلي:

يا حسرة ما قضت من لذة وطرا أين الزمان الذي يرجى به الخلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015