رقّت وراقت فمن شمائلها بمثل صرف الشّمول تتحفني

كم ملحٍ قد حوت وكم لمحٍ يعجبني لفظها ويعجزني

كم فيه من نفثٍ ومن نكتٍ أشهدني حسنها فأدهشني

جمعٌ عدمنا له النظير فلا يصرف عن خاطرٍ ولا أذن

يا خير أهل العلا وبحرهم أيّ بديع الكلام لم ترني

بدرك في مطلع الفضائل لا يكون مثلٌ له ولم يكن

هذي الفصول التي أتيت بها قد أفحمت كلّ ناطقٍ لسن

كم فنّ معنىً بها يذكّرني شجوي لشدو الحمام في فنن

فمن نسيبٍ مع النسيم جرى لطفاً فأزرى بالجوهر الثمن

وحسن سجعٍ كالزّهر في أفقٍ والزّهر في ناعمٍ من الغصن

له معانٍ أعيت مداركها كلّ معانٍ بنيلهن عني

لا زال راقٍ للمجد راقمها ذا سننٍ حاز أحسن السنن

فصول، هي للحسن أصول، وشمول، لها على كل القلوب شمول، ليس لقدامة على التقدم إليها حصول، ولا لسحبان لأن يسحب ذيلها وصول، ولا انتهى قسّ الإياديّ لهذه الأيادي، ولا ظفر بديع الزمان بهذه البدائع الحسان، لقد قصّر فيها حبيب عن ابنه، وحار بين لطافة فضله وفضل ذهنه، نزهت في طرف خمائلها، ونبهت بلطف شمائلها، تالله إنّها لسحر حلال، وخلال ما مثلها خلال، كلام كلّه كمال، ومجال لا يرى فيه إلا جمال، راقم بردها، وناظم عقدها، في كل فصل، جاء بكمال فضل، وفي كل معنى، عمر بالبراعة مغنى، أعرب فأغرب، وأوجز فأعجز، وأطل فأطاب، وأجاد حين أجاب، فما أنفس فرائده، وأنفع فوائده، وأفصح مقاله، وأفسح مجاله، وأطوع للنظم طباعه، وأطول في النثر باعه، وأزاهر نبتت في كتاب، وجواهر تكوّنت من ألفاظ عذاب، ومواهب لا تدرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015