شوارعها لا يفترش إلاّ نكده، ولا يتوسّد إلا عضده، وبات بليلة ابن عبدل (?) ، تهب عليه صرصر لا ينفح منها عنبر ولا مندل، فلمّا كان من السحر دخل عليه ابن طوفان فأشفق لحاله، وفرط إمحاله، وأعلمه أن الأفضل ابن أمير الجيوش استدعاه، ولو ارتاد جوده بقطعة يغنيها له لأخصب مرعاه، فصنع له في حينه:

قل للملوك وإن كانت لهم هممٌ تأوي إليها الأماني غير متّئد

إذا وصلت بشاهنشاه لي سبباً فلن أبالي بمن منهم نفضت يدي

من واجه الشمس لم يعدل بها قمراً يعشو إلى ضوئه لو كان ذا رمد

فلمّا كان من الغد وافاه فدفع إليه خمسين مثقالاً مصرية وكسوة وأعلمه أنّه غنّاه، وجوّد الإظهار للفظه، ومعناه، وكرره، حتى أثبته في سمعه وقرره، فسأله عن قائله فأعلمه بقلته، وكلّمه في رفع خلّته، فأمر له بذلك.

وله أيضاً رحمه الله تعالى:

قصدت على أنّ الزيارة سنّةٌ يؤكّدها فرضٌ من الودّ واجب

فألفيت باباً سهّل الله إذنه (?) ... ولكن عليه من عبوسك حاجب مرضت ومرّضت الكلام تثاقلاً إليّ إلى أن خلت أنّك عاتب

فلا تتكلّف للعبوس مشقّةً سأرضيك بالهجران إذ أنت غاضب

فلا الأرض تدميرٌ ولا أنت أهلها ولا الرزق إن أعرضت عنّي جانب

وله يستعتبني (?) :

كتبت ولو وفّيت برّك حقّه لما اقتصرت كفّي على رقم قرطاس

ونابت عن الخطّ الخطا وتبادرت فطوراً على عيني وطوراً على راسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015