حر شوقه، وظهرت شمس فضله منالجانب الغربي فبهرت بالشروق، وأصبح كل صب وهو إلى بهجتها مشوق، زار الشام ثم ما سلّم حتى ودّع، بعد أن فرع بروضها أفنان الفنون فأبدع، وأسهم لكلٍّ من أهلها نصيباً من وداده، فكان أوفرهم سهماً هذا المحب الذي رفع بصحبته سمك عماده، وعلق بمحبته شغاف فؤاده، فإنّه دنا من قلبه فتدلّى، وفاز من حبّه بالسهم المعلّى، أدام الله تعالى لك البقا، وأحسن لنا بك الملتقى، ومنّ علينا منك بنعمة قرب اللقا، آمين بمنّه ويمنه، هذا، وقد وصل من ذلك الخلّ الوفيّ، كتابٌ كريم هو اللطف الخفيّ، بل هو من عزيز مصر القميص اليوسفي، جاء به البشير ذو الفضل السني، الخل العز الأجل التاج المحاسني، مشتملاً على عقود الجواهر، بل النجوم الزواهر، بل الآيات البواهر، تكاد تقطر البلاغة من حواشيه (?) ، ويشهد بالوصول إلى طرفها الأعلى لموشّيه، فليت شعري بأي لسان، أثني على فصوله الحسان، العالية الشان، الغالية الأثمان، التي هي أنفس من قلائد العقيان، وأبدع من مقامات بديع الزمان، فطفقت أرتع من معانيها وفي أمتع رياض، وأقطع بأنّ في منشئها اعتياضاً لهذا العصر عن عياض (?) :
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدحٍ فلا أرضى لها كلمي ولا سيما فصل التعزية والتسلية، المشتمل على عقد التخلية بل عقود التحلية، لتلميذكم الولد إبراهيم، فإنّه له كرقية السليم، بعد أن كاد يهيم، فجاء ولله درّه في أحسن المحالّ، ووقع الموقع حتى كأن الولد نشط ببركه من عقال:
وإذا الشيء أتى في وقته ... زاد في العين جمالاً لجمال