قال أيضاً عند ذكره مصنفات ابن مالك: وهي كما قيل غزيرة المسائل، ولكنها على الناظر بعيدة الوسائل، وهي مع ذلك كثيرة الإفادة، موسومة بالإجادة، وليست لمن هو في هذا الفن في درجة ابتدائه، بل للمتوسط يترقى بها درجة انتهائه، انتهى.

واعلم أن الألفية مختصرة الكافية كما تقدم، وكثير من أبياتها فيها بلفظها، ومتبوعه فيها ابن معطي، ونظمه أجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب، وذكر الصفدي عن الذهبي أن ابن مالك صنف الألفية لولده تقي الدين محمد المدعو بالأسد، واعترضه العلامة العجيسي بأن الذي صنفه له عن تحقيق المقدمة الأسدية قال: وأما هذه - يعني الألفية - فذكر لي من أثق بقوله أنه صنفها برسم القاضي شرف الدين هبة الله بن نجم الدين عبد الرحيم بن شمس الدين بن إبراهيم بن عفيف الدين بن هبة الله بن مسلم بن هبة الله بن حسان الجهني الحموي الشافعي الشهير بابن البارزي، ويقال: إن هذه النسبة إلى باب أبرز أحد أبواب بغداد، ولكن خفف لكثرة دوره على الألسنة، انتهى مختصراً.

وقال بعض من عرّف بابن مالك: هو مقيم أود، وقاطع لدد، ومزين سماء موّهت الأصائل ديباجتها، وشعشعت البكر زجاجتها، وجاءت أيامه صافية من الكدر، ولياليه وما بها شائبة من الكبر، وقد خلّفها العشي بردعه، وخلفها الصباح بربعه، فكان كل متعين حول مسجده، وكل عين فاخرة بعسجده، هذا وزمر الطلاب، وطلبة الأجلاب، لا تزال تزجي إليه القلاص، وتكثر من سربه الاقتناص، كان أوحد وقته في علم النحو واللغة مع ثرة الديانة والصلاح، انتهى.

وقال بعض المغاربة:

لقد مزّقت قلبي سهام جفونها ... كما مزّق اللخميّ مذهب مالك

وصال على الأوصال بالقدّ قدّها ... فأضحت كأبيات بتقطيع مالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015