من أهل لبلة، وأخذ القراءات عن أبي العباس أحمد بن نوّار، وقرأ كتاب سيبويه على أبي عبد الله ابن مالك المرشاني، وجالس يعيش وتلميذه ابن عمرون وغيره بحلب، وتصدّر بها لإقراء العربية، وصرف همته إلى إتقان لسان العرب، حتى بلغ فيه الغاية، وأربى على المتقدمين، وكان إماماً في القراءات، وعالماً بها، وصنف فيها قصيدة دالية مرموزة في قدر الشاطبية، وأما اللغة فكان إليه المنتهى فيها.

قال الصفدي: أخبرني أبو الثناء محمود قال: ذكر ابن مالك يوماً ما انفرد به صاحب المحكم عن الأزهري في اللغة، قال الصفدي: وهذا أمر معجز، لأنه يحتاج إلى معرفة جميع ما في الكتابين (?) ، وأخبرني عنه أنه كان إذا صلّى في العادلية - لأنه كان إمام المدرسة - يشيعه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان إلى بيته تعظيماً له.

وقد روى عنه الألفية شهاب الدين محمود المذكور، ورواها الصفدي خليل عن شهاب الدين محمود قراءة، ورواها إجازةً عن ناصر الدين شافع بن عبد الظاهر وعن شهاب الدين بن غانم بالإجازة عنهما عنه.

وأما النحو والتصريف (?) فكان فيهما ابن مالك بحراً لا يشق لجّه، وأما اطلاعه على أشعار العرب التي يستشهد بها على النحو واللغة فكان أمراً عجيباً، وكان الأئمة الأعلام يتحيرون في أمره، وأما الاطلاع على الحديث فكان فيه آية، لأنه أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، وإن لم يكن فيه شيء (?) عدل إلى أشعار العرب، هذا مع ما هو عليه من الدين والعبادة وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السّمت، وكمال العقل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015