ولم يكن في زمانه من اجتمع فيه ما اجتمع له.

وقال الحافظ عبد الكريم: إنه دخل إشبيلية، واشتغل بالعربية على الشّلوبين وقرأ القراءات السبع، ثم قدم مصر واشتغل بمذهب مالك، وكان والده نجاراً وكان لا يأكل إلاّ من كسب يده، يخيط الثياب، فازدحم الناس عليه تبركاً به، فترك ذلك وصار يدق القصدير ويأكل منه وتصدق بما فضل عنه، وكان شديد الزهد، كثير العبادة، لا يسلم يده إلى أحد ليقبّلها، وجاءه شخص قد زيد عليه في أجرة مسكنه ليشفع إلى صاحب الدار أن لا يقبل الزائد، فمضى إلى صاحب الدار وأعطاه الزائد مدة أشهر، فعلم بذلك الساكن بعد مدة، فقال له: يا سيدي ما سألت إلاّ شفاعة، وأنت تزن عني (?) ، فقال له: رجل له دار يأخذ أجرتها يجيء إليه الخزرجي يقطع عليه حقه والله ما يدفع هذا إلاّ أنا، فلم يزل يدفع الزائد إلى أن انتقل الساكن إلى غيره، ومات ليلة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 651، عن خمس وأربعين سنة، ودفن بالقرافة، رحمه الله تعالى، ونفعنا به.

126 - ومنهم أبو بكر محمد بن أحمد بن خليل بن فرج الهاشمي (?) ، مولاهم، لأن ولاءه لبني العباس من أهل قرطبة، ولد في شهر رمضان سنة 322 بقرطبة، وسمع بها من وهب بن مسرة، وخالد بن سعيد (?) وغيره، ورحل فحج وأدرك بمصر ابن الورد وابن رشيق وأبا علي ابن السكن نظراءهم في سنة 349، وعاد إلى بلده، وبها مات في شهر رمضان سنة ست وأربعمائة.

قال ابن بشكوال (?) : كان رجلاً صالحاً فاضلاً، من أهل الاجتهاد في العبادة مائلاً إلى التقشف والزهادة، قديم الطلب حسن المذهب متبعاً للسنن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015