فلما أحضر بين يديه تأوّه تأوّهاً شديداً كاد أن يحرق بنفسه جليسه، وجعل يكتب في اللوح هذه الأبيات (?) :

لا تلتفت بالله يا ناظري ... لأهيفٍ كالغصن الناضر

يا قلب واصرف عنك وهم البقا ... وخلّ عن سرب حمى حاجر

ما السّرب والبان وما لعلعٌ ... ما الخيف ما ظبي بني عامر

جمال من سمّيته داثرٌ ... ما حاجة العاقل بالداثر

وإنما مطلبه في الذي ... هام الورى في حسنه الباهر

أفاد للشمس سناً كالذي ... أعاره للقمر الزاهر

أصبحت فيه مغرماً حائراً ... لله درّ المغرم الحائر وكانوا يوماً ببلد مالقة، وكثيراً ما يجوّد عليه القرآن العزيز، فقرأ طالب قوله تعالى " إنني أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدني " فقال معجلاً رضي الله تعالى عنه، وفهم من الآية ما لم يفهم، وعلم منها ما لم يعلم (?) :

انظر للفظ أنا يا مغرماً فيه ... من حيث نظرتنا لعلّ تدريه

خلّ ادّخارك لا تفخر بعاريةٍ ... لا يستعير فقيرّ من مواليه

جسوم أحرفه للسرّ حاملة ... إن شئت تعرفه جرّب معانيه ودخل عليه شخص ببجاية من أهلها يعرف بأبي الحسن ابن علال، من أهل الأمانة والديانة، فوجده يذاكر بعض أهل العلم، فاستحسن منه إيراده للعلم، واستعماله لمحاضرة الفهم، فاعتقد شياخته وتقديمه، ثم نوى أن يؤثر الفقراء من ماله بعشرين ديناراً شكراً لله تعالى، ويأتيهم بمأكول، فلما يسر جميع ما اهتم به أراد أن يقسمه فيعطيه شطره ويدع الشطر الثاني إلى حين انصراف الشيخ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015