أي على الدين، والحق سر الدين، والمحقّق سرّ الحق، فالمحقّق سرّ الدين، فهو المشار إليه بالوراثة. ثمّ نقول: أهل الله خير العالم، وأهل الحق هم خير أهل الله، والمحقّق خير أهل الحق، فالمحقّق خير العالم، فهو المشار إليه. ثمّ نقول: انظر في بدايته وحفظ القديم له في صغره، وضبطه له من اللهو واللّعب، وإخراجه من اللّذة الطبيعية التي هي في جبلّة البشرية، وتركه للرئاسة العرضيّة المعول عليها عند العالم، مع كونه وجدها في آبائه، وهي الآن في إخوته، وخروجه عن الأهل والوطن الذي قرنه الحق مع قتل الإنسان نفسه، وانقطاعه إلى الحق انقطاعاً صحيحاً تعلم تخصيصه وخرقه للعادة، ثم انظر في تأيّده وفتحه من الصغر، وتأليف كتاب بدء العارف وهو ابن خمس عشرة سنة، وفي جلالة هذا الكتاب وكونه يحتوي على جميع الصنائع العلمية والعمليّة، وجميع الأمور السّنيّة والسّنيّة، تجده خارقاً للعادة، وفي نشأته في بلاد الأندلس ولم يعلم له كثرة نظر وظهوره فيها بالعلوم التي لم تسمع قط تعلم أنّه خارق للعادة، وفي تواليفه واشتمالها على العلوم كلّها، ثمّ انفرادها وغرابتها وخصوصيتها بالتحقيق الشاذ عن أفهام الخلق تعلم بأنّه مؤيّد بروح القدس، وفي شجاعته وقوّة توكّله في عزمه ونصره لصنائعه وظهور حجّته على خصمائه وإقامة حقّه وبرهانه وفصاحة كلامه وبيان سلطانه تعلم أن ذلك بقوّة إلهيّة وعناية ربانيّة، وفي امتحان أهل المغرب له، واجتماعهم عليه في كل بلد معتبر للمناظرة، يظهر الله تعالى حجّته، ويقمع خصمه، ويكبت عدوّه، وعجز معارضه، ويفحم معترضه، وفي غيرة الحق عليه، وهلاك من تعرض بالأذى إليه - يعلم العاقل المخصوص، أنّه عند الله مخصوص، وفي خلقه وقهره لقواه النزعوية والغضبية وإسلام قرينه وجلالة قوّته الحافظة التي لا تنسى شيئاً والمفكّرة التي تتصوّر الذوات المجرّدة والمعلومة أسر عين الطيف (?) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015