يا عمرو ناد عبد زهراء ... يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلاّ بيا عبدها ... فإنّه أشرف أسمائي وقال رضي الله تعالى عنه، في قول سمنون المحب:
وليس لي في سواك حظٌّ ... فكيفما شئت فاختبرني الأولى أن يقول: فكيفما شئت فاعف عني إذ طلب العفو أولى من طلب (?) الاختبار. وقال رضي الله تعالى عنه: الزاهد جاء من الدنيا إلى الآخرة، والعارف جاء من الآخرة إلى الدنيا. وقال رضي الله تعالى عنه: العارف لا دنيا له، لن دنياه لآخرته، وآخرته لربّه. وقال: الزاهد غريب في الدّنيا، لأن الآخرة وطنه، والعارف غريب في الآخرة.
قال بعض العارفين: معنى الغربة في كلام الشيخ، رضي الله تعالى عنه أن الزاهد يكشف له عن ملك الآخرة فتبقى الآخرة موطن قلبه ومعشّش روحه، فيكون غريباً في الدّنيا، إذ ليست وطناً لقلبه، عاين الآخرة فأخذ قلبه فيما عاين من ثوابها ونوالها، وفيما شهد من عقوبتها ونكالها، فتغرّب في هذه الدار. وأمّا العارف فإنّه غريب في الآخرة إذ كشف له عن صفات معروفة فأخذ قلبه فيما هناك، فصار غريباً في الآخرة، لأن سرّه مع الله تعالى، بلا أين، فهؤلاء العباد تصير الحضرة معشّش قلوبهم، إليها يأوون، وفيها يسكنون، فإن تنزلوا إلى سماء الحقوق، أو أرض الخصوص، فبالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فلم ينزلوا إلى الخصوص لشهوة، ولم يصعدوا إلى الحقوق بسوء الأدب والغفلة، بل كانوا في ذلك كلّه بآداب الله تعالى وآداب رسله وأنبيائه متأدبين، وبما اقتضى منهم مولاهم عاملين، رضي الله تعالى عنهم، ونفعنا بهم آمين.