توفّي بالإسكندريّة سنة 686، ولأهل مصر ولأهل الثغر فيه عقيدة كبيرة، وقد زرته لما كنت بالإسكندرية سنة 738، قال ابن عرّام سبط الشاذلي: ولولا قوّة اشتهاره وكراماته لذكرت له ترجمة طويلة، كان من الشهود بالثغر، انتهى.
وكان سيّدي أبو العباس يكرّم الناس على نحو رتبهم عند الله تعالى، حتى إنّه ربّما دخل عليه مطيع في يحتفل به، ربّما دخل عليه عاصٍ فأكرمه، لأن ذلك الطائع أتى وهو متكثّر لعمله (?) ناظر لفعله، وذلك العاصي دخل بكسر معصيته وذلة مخالفته، وكان شديد الكراهة للوسواس في الصلاة والطهرة، ويثقل عليه شهود من كان على صفته، وذكر عنده يوماً شخصٌ بأنّه صاحب علم وصلاح، إلاّ أنّه كثير الوسوسة، فقال: وأين العلم العلم هو الذي ينطبع في القلب كالبياض في الأبيض والسواد في الأسود.
وله كلام بديع في تفسير القرآن العزيز: فمن ذلك أنّه قال: قال الله سبحانه وتعالى " الحمد لله ربّ العالمين " علم الله عجز خلقه عن حمده، فحمد نفسه بنفسه في أزله، فلمّا خلق الخلق اقتضى منهم أن يحمدوه بحمده، فقال " الحمد لله ربّ العالمين " أي: الحمد الذي حمد به نفسه بنفسه هو له، لا ينبغي أن يكون لغيره، فعلى هذا تكون الألف واللام للعهد. وقال في قوله تعالى " إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ": إيّاك نعبد شريعة، عبادة، وإيّاك نستعين عبوديّة، إيّاك نعبد فرق، وإيّاك نستعين جمع. وله في هذا المعنى وغيره كلام نفيس يدلّ على عظيم ما منحه الله سبحانه من العلوم اللدنية. وقال، رضي الله تعالى عنه، في قوله تعالى " اهدنا الصّراط المستقيم ": بالتثبيت (?) فيما هو حاصل، والإرشاد لما ليس بحاصل؛ وهذا