وضع كتابه مفتاح اللّبّ المقفل على فهم القرآن المنزل وهو ممّن جمع العلم والعمل، وصنّف في كثير من الفنون كالأصلين والمنطق والطبيعيّات والإلهيّات، وكان يقرئ النجاة لابن سينا فينقضه عروة عروة، وكان من أعلم الناس بمذهب مالك، ولمّا ظنّ فقهاء عصره أنّه لا يحسن المذهب لاشتغاله بالمعقولات أقرأ التهذيب وأبدى فيه الغرائب، وبيّن مخالفته للمدوّنة في بعض المواضع، ووقع بينه وبين الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام شيء، وطلب عزّ الدين أن يقف على تفسيره، فلمّا وقف عليه قال: أين قول مجاهد أين قول فلان وفلان وكثر القول في هذا المعنى، ثم قال: يخرج من بلادنا إلى وطنه - يعني الشام - فلمّا بلغ كلامه الشيخ قال: هو يخرج وأقيم أنا، فكان كذلك. وله عدّة مؤلّفات في الفنون؛ وقال، رحمه الله تعالى: أقمت ملازماً لمجاهدة النفس سبعة أعوام، حتى استوى عندي من يعطيني دينارً ومن يزدريني. وأصبح - رحمه الله تعالى - ذات يوم ولا شيء لأهله يقيمون به أودهم، وكانت أم ولده جارية تسمّى كريمة، وكانت سيّئة الخلق، فاشتدّت عليه في الطلب، وقالت له: إن الأصاغر لا شيء لهم، فقال: الآن يأتي من قبل الوكيل ما نتقوّت به، فبينما هم كذلك وإذا بالحمّال يضرب الباب ومعه قمح، فقال لها: يا كريمة، ما أعجلك، هذا الوكيل بعث بالقمح، فقالت: ومن يصنعه فأمر فتصدّق به، ثم قال لها: يأتيك ما هو أحسن منه، فانتظرت يسيراً، وبدا لها فتكلّمت بما لا يليق، فبينما هم كذلك، وإذا بحمّال سميذ، فقال لها: هذا السميذ أيسر وأسهل من القمح، فلم يقنعها ذلك، فأمر أيضاً بصدقته، فلمّا تصدّق به زادت في المقال، وإذا برجل على رأسه طعام، فقال لها: يا كريمة، قد كفيت المؤونة، هذا الوكيل قد علم بحالك.

ومن كراماته أن بعض طلبته اجتمعوا في نزهة، وأخذوا حلياً من زينة النساء، فزيّنوا به بعض أصحابهم، فلمّا انقضى ذلك واجتمعوا بمجلس الشيخ صار الذي كان في يده الحلي يتحدّث ويشير بيده، فقال الشيخ: يد يجعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015