عفا الله عنه.
وأما احتجاجه بقول شيخ الإسلام عزّ الدين بن عبد السلام شيخ مشايخ الشافعية فغير صحيح، بل كذب وزور، فقد روينا عن شيخ الإسلام صلاح الدين العلائي عن جماعة من المشايخ كلّهم عن خادم الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام أنّه قال: كنّا في مجلس الدرس بين يدي الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام، فجاء في باب الردة ذكر لفظة الزنديق، فقال بعضهم: هل هي عربية أو عجميّة فقال بعض الفضلاء: إنّما هي فارسيّة معرّبة، أصلها زن دين، أي على دين المرأة، وهو الذي يضمر الكفر ويظهر الإيمان، فقال بعضهم: مثل من فقال آخر إلى جانب الشيخ: مثل ابن عربي بدمشق، فلم ينطق الشيخ ولم يردّ عله، قال الخادم: وكنت صائماً ذلك اليوم، فاتفق أن الشيخ دعاني للإفطار معه، فحضرت ووجدت منه إقبالاً ولطفاً، فقلت له: يا سيّدي، هل تعرف القطب الغوث الفرد في زماننا فقال: ما لك ولهذا كل، فعرفت أنّه يعرفه، فتركت الأكل وقلت له: لوجه الله تعالى عرّفني به، من هو فتبسّم، رحمه الله تعالى، وقال لي: الشيخ محيي الدين بن عربي، فأطرقت ساكتاً متحيراً، فقال: ما لك فقلت: يا سيّدي، قد حرت، قال: لم قلت: أليس اليوم قال ذلك الرجل إلى جانبك ما قال في ابن عربي وأنت ساكت فقال: آسكت، ذلك مجلس الفقهاء؛ هذا الذي روي لنا بالسند الصحيح عن شيخ الإسلام عزّ الدين بن عبد السلام.
وأمّا قول غيره من أضراب الشيخ عز الدين فكثير، كان الشيخ كمال الدين الزملكاني من أجلّ مشايخ الشام أيضاً يقول: ما أجهل هؤلاء! ينكرون على الشيخ محيي الدين بن عربي لأجل كلمات وألفاظ وقعت في كتبه قد قصرت أفهامهم عن درك معانيها، فليأتوني لأحلّ لهم مشكله، وأبين لهم مقاصده، بحيث يظهر لهم الحق، ويزول عنهم الوهم.
وهذا القطب سعد الدين الحموي سئل عن الشيخ محيي الدين بن عربي لمّا