قال: فأيقظ النوّام، وأبكى العيون.
وكان رحمه الله تعالى زاهداً، متورعاً، متقلّلاً من الدنيا، قوّالاً للحق. وكان يقول: إذا عرض لك أمر (?) دنيا وأخرى، فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدنيا والأخرى. وله طريقة في الخلاف.
ودخل مرّة على الأفضل ابن أمير الجيوش فوعظه، وقال له (?) : إن الأمر الذي أصبحت فيه من الملك إنّما صار إليك بموت من قبلك، وهو خارج عن يدك بمثل ما صار إليك، فاتّق الله فيما خوّلك من هذه الأمّة، فإن الله، عزّ وجل، سائلك عن النقير والقطمير والفتيل، واعلم أن الله، عزّ وجلّ، آتى سليمان بن داود ملك الدنيا بحذافيرها فسخّر له الإنس والجن والشياطين والطير والوحش والبهائم، وسخّر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، ورفع عنه حساب ذلك أجمع، فقال عزّ من قائل: " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ " فما عدّ ذلك نعمة كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن يكون استدراجاً من الله، عزّ وجلّ، فقال: " هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر " فافتح الباب، وسهّل الحجاب، وانصر المظلوم.
وكان إلى جانب الأفضل رجل نصراني فأنشده (?) :
يا ذا الذي طاعته قربة ... وحقّه مفترضٌ واجب
إن الذي شرفت من أجله ... يزعم هذا أنّه كاذب وأشار إلى النصراني، فأقامه الأفضل من مكانه.
والطّرطوشي - بضم الطاءين - نسبة إلى طرطوشة من بلاد الأندلس،