سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

ومن تواليفه المنتقى في شرح الموطّأ ذهب فيه مذهب الاجتهاد وإيراد الحجج، وهو ممّا يدل على تبحره في الفنون، ولمّا قدم من المشرق إلى الأندلس بعد ثلاثة عشر عاماً وجد ملوك الطوائف أحزاباً متفرقة، فمشى بينهم في الصلح، وهم يجلّونه في الظاهر، ويستثقلونه في الباطن، ويستردون نزعته، ولم يفد شيئاً فالله تعالى يجازيه عن نيته، ولمّا ناظر ابن حزم قال له الباجي: أنا أعظم منك همّة في طلب العلم، لأنّك طلبته وأنت معان عليه تسهر بمشكاة الذهب وطلبته وأنا أسهر بقنديل بائت السوق (?) ، فقال ابن حزم: هذا الكلام عليك لا لك، لأنّك إنّما طلبت العلم وأنت في اتلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته، فلم أرج به إلاّ علوّ القدر العلمي في الدنيا والآخرة؛ فأفحمه.

قال عياض: قال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للإقراء، وفي يده أثر المطرقة، إلى أن فشا علمه، ونوهت الدنيا به، وعظم جاهه، وأجزلت صلاته، حتى مات عن مال وافر، وكان يستعمله الأعيان في ترسّلهم، ويقبل جوائزهم، وولي القضاء بمواضع من الأندلس.

[ترجمة ابن حزم] (?)

وابن حزم المذكور هو أبو محمد ابن حزم الظاهري، قال ابن حيّان وغيره: كان ابن حزم صاحب حديث وفقه وجدل، وله كتب كثيرة في المنطق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015