وساحري النّظم والنثر (?) :
رعى الله قبرين استكانا ببلدة ... هما أسكناها في السّواد من القلب
لئن غيّبا عن ناظري وتبوّءا ... فؤادي لقد زاد التباعد في القرب
يقرّ بعيني أن أزور ثراهما ... وألصق مكنون الترائب بالتّرب
وأبكي وأبكي ساكنيها لعلّني ... سأنجد من صحبٍ وأسعد من سحب
فما ساعدت ورق الحمام أخا أسىً ... ولا روّحت ريح الصّبا عن أخي كرب
ولا استعذبت عيناي بعدهما كرىً ... ولا ظمئت نفسي إلى البارد العذب
أحنّ ويثني اليأس نفسي عن الأسى ... كما اضطرّ محمولٌ على المركب الصعب وله يرثي ابنه محمداً:
أمحمداً، إن كنت بعدك صابراً ... صبر السليم لما به لا يسلم
رزئت قبلك بالنبيّ محمدٍ ... ولرزؤه أدهى لديّ وأعظم
فلقد علمت بأنّي بك لاحقٌ ... من بعد ظنّي أنّني متقدّم
لله ذكرٌ لا يزال بخاطري ... متصرّفٌ في صبره مستحكم
فإذا نظرت فشخصه متخيّلٌ ... وإذا أصخت فصوته متوهّم
وبكلّ أرضٍ لي من أجلك لوعةٌ ... وبكلّ قبرٍ وقفةٌ وتلوّم
فإذا دعوت سواك حاد عن اسمه ... ودعاه باسمك معولٌ بك مغرم
حكم الردى ومناهج قد سنّها ... لأولي النّهى والحزن قبل متمّم انتهى.
ولعمري إنّه لم يوف القاضي أبا الوليد الباجي حقه الواجب المفترض، ووددت أنّه مدّ النفس في ترجمته بعبارته التي يعترف ببراعتها من سلّم