وأبي محمد الباجي، وقدم مصر، وحج، وجاور بالمدينة النبوية على ساكنها الصلاة والسلام، وأفتى بها، وافتخر بذلك على أصحابه، وقال: لقد شوورت بمدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم دار مالك بن أنس ومكان شوراه، ولقي جماعة من العلماء وأخذ عنهم، وكان من أهل العلم والذكاء والحفظ والفهم، عارفاً بمذاهب الأئمة وأقوال العلماء، ذاكراً للروايات، يحفظ المدونة والنوادر لابن أبي زيد، ويوردها من صدره دون كتاب.

قال ابن حيّان مؤرخ الأندلس: توفّي الفقيه المشاور الحافظ المتبحّر (?) الرواية الطويل الهجرة في طلب العلم الناسك المتقشف بمدينة بلنسية في ربيع الأول سنة 417 لعشر خلون من الشهر، وكان الحفل في جنازته عظيماً، وعاين الناس فيها آية من ظهور أشباه الخطاطيف بها تجللت الجمع رافّةً فوق النعش لم تفارق نعشه وإلى أن ووري، فتفرقت، ومكث مدة ببلنسية مطاعاً عظيم القدر عند السلطان والعامة.

وذكر جماهر بن عبد الرحمن حديث الطير، وكذا ذكر الحسن بن محمد القيسي خبر الطير. قال: وكانت سنّه نحو الثمانين سنة، وكان مجاب الدعوة، وظهرت في دعوته الإجابة.

وقال أبو عمرو الداني: إن وفاته يوم السبت لسبع خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربعمائة، ودفن يوم الأحد بمدينة بلنسية، وبلغ نحو ست وسبعين سنة، وهو آخر الفقهاء الحفّاظ الراسخين العالمين بالكتاب والسنّة بالأندلس، رحمه الله تعالى.

34 - ومنهم أبو عبد الله محمد بن عمروس القرطبي (?) ، سمع عليّ بن مفرج وغيره من شيوخ قرطبة، وقدم مصر فأخذ بها عن ابن المهندس وغيره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015