فتصحيح النقل بتكذيب العقل يستلزم تكذيب النقل؛ فعلمنا أنه لا بد من ترجيح دليل العقل.

فإذا رأينا دليلا نقليا. فإنما يبقى دليلا عند السلامة عن هذه الوجوه التسعة، ولا يمكن العلم بحصول السلامة عنها إلا إذا قيل: بحثنا واجتهدنا، فلم نجدها؛ لكنا نعلم أن الاستدلال بعدم الوجدان على عدم الوجود لا يفيد إلا الظن

فثبت أن التمسك بالأدلة النقلية مبني على مقدمات ظنية، والمبني على الظنيّ ظنيّ

وذلك لا شكل فيه؛ فالتمسك بالدلائل النقلية لا يفيد إلا الظن.

فإن قلت: المكلف إذا سمع دليلا نقليا، فلو حصل فيه شيء من هذه المطاعن، لوجب في حكمة الله أن يطلعه على ذلك.

قلت: القول بالوجوب على الله تعالى مبني على قاعدة الحسن والقبح العقليين، وقد تقدم القول فيهما.

سلمنا ولكننا نقطع بأنه لا يجب على الله تعالى أن يطلعه على ذلك، لما أنّا نجد كثيرا من العلماء يسمعون آية أو خبرا، مع أنهم لايعرفون ما في نجوها ولغتها وتصريفها من الاحتمالات التسعة التي ذكرناها، وإنكار ذلك مكابرة ولو كان ذلك واجبا، لما كان الزمر كذلك، فعلمنا ضعف هذا العذر وفيه وجوه أخر من الفساد، ذكرناها في الكتب الكلامية.

واعلم أن الانصاف أنه لا سبيل إلى استفادة اليقين من هذه الدلائل اللفظية، إلا إذا اقترنت بها قرائن تفيد اليقين، سواء كانت تلك القرائن مشاهدة أو كانت منقولة إلينا بالتواتر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015