جسم، والمظروف معنى، ثم العكس لوجود الجسمية فيه من حيث الجملة، والأبعد كلية أن يكونا معنيين لانتفاء الجسمية بالكلية، التي هي الملاحظة في الوضع في الأوعية والموعا فيها، وإذا كان المعنى ظرفا للجسم فهو للمبالغة أي: كثر المعنى حتي أحاط به، كما يحيط الظرف بمظروفه، كقوله تعالى" (إنا لنراك في ظلال مبين) [الأعراف:60]
أي كثر حتى صار محيطا به في المعنى، والتقدير: ولاجرم لم يقل: ما أنا في ضلالة، بل قال: (ياقوم ليس بي ضلالة) [الأعراف:61] لأنه لو نفى أنه في ضلالة، لم يلزم من ذلك أنه غير ضال؛ لأنه لا يلزم من نفى الشيء بوصف الكثرة نفيه، فلذلك عدل إلى أصل المعنى، وكذلك قوله تعالى: (بل هم في شك منها) [النمل:66]، أبلغ من قوله: بل هم شاكون للدلالة على الكثرة، فتأمل ذلك في كتاب الله ـ- تعالى - - فهو كثير.
(تنبيه)
وأما إذا قلنا: هو مصلوب في الجذع، فهذا ليس من هذا الباب، بل (في) هاهنا مجاز في الإفراد استعمله فيما يشبه الظرفية بسبب التمكن، وليس فيها مجاز تركيب.
وإذا قلنا: زيد في ضلالة، فهو مجاز تركيب؛ لأن لفظ (في) لم يوضع ليركب مع المعاني التي لا تتجوف بل ليركب مع ما يقبل التجويف، ويصلح لأن يكون وعاء لغيره، والمعاني ليست كذلك، فتنبه لهذه الدقائق.
قوله: (لم يقل أحد من أئمة اللغة: (إنها للسببية)
قلنا: بل قد نقله جماعة، ولا يستقيم كثير من الكتاب والسنة إلا عليه كقوله تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله) [البقرة:190] أي: بسبب طاعة الله - تعالى- بالتوحيد، وقوله عليه السلام: (من أحب في الله،