تقريره: أنك إذا قلت بعده، فقد أتيت بالبعدية مرتين بلفظين، لأن الواو عند الخصم تدل على بعده، وقولك: بعده يدل على بعده، فيلزم التكرار.
وقوله: (قبله نقضا) لأن النقض: وجود الدليل بدون المدلول، أو العلة بدون المعلول، أو الحد بدون المحدود، وهاهنا وجدت الواو الدالة على البعدية على رأي الخصم ولم توجد البعدية، لقول القائل قبله فلزم النقض على الدليل؛ لأن الألفاظ اللغوية كلها أدلة على مسمياتها، لا علل لها، والنقض عام في الأبواب الثلاثة فاعلم ذلك، ويقع في بعض النسخ متناقضًا، وتقريره غير تقرير النقض؛ لأنه الجمع بين النقيضين، فنقول:
قوله: وعمرو يقتضي أنه بعده لأجل أن الواو تقتضي الترتيب.
وقوله: قبله يقتضي أنه ليس بعده، فيكون بعده لا بعده، وهو جمع بين النقيضين.
قوله: (وليس كذلك بالإجماع).
عجبت كيف يدعى الإجماع في نفي التكرار، مع أن القائل بأن الواو للترتيب يقول به، بل الذي يتجه أن يقول: وهذان المحذوران لا يلزمان على مذهبنا، فيكون أرجح، ولا نتعرض للإجماع.
قوله: (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نبدأ بالصفا أو بالمروة، فقال: (نبدأ بما بدأ الله به). فلو كان للترتيب لما اشتبه ذلك على أصحابه عليه وعليهم السلام.