والأصل في الكلام الحقيقة؛ فوجب أن يكون حقيقة في غير الترتيب، فوجب ألا يكون حقيقة في التريب؛ دفعا للاشتراك.
الثاني: لو اقتضت (الواو) الترتيب، لكان قوله: (رأيت زيدا وعمرا بعده) تكريرا، ولكان قوله: (رأيت زيدا وعمرا قبله) متناقضا، ولما لم يكن كذلك بالإجماع، صح قولنا.
فإن قلت: يجوز أن يكون الشيء بإطلاقه لا يفيد حكما، ثم إذا أضيف إليه شيء آخر، تغير عما كان عليه، قوله: (زيد في الدار) يفيد الجزم، فإذا أدخلت عليه الهمزة، فقيل: (أزيد في الدار؟) صار للاستخبار، وبطل معنى الجزم.
قلت: حاصل هذا السؤال يرجع إلى أن قوله: (قبله) أو (بعده) كالمعارض لمقتضى الواو، إلا أن التعارض خلاف الأصل، فالمفضى إليه وجب ألا يكون.
الثالث: قوله تعالى في سورة البقرة: (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) [البقرة:58] وفي الأعراف: (وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا) [الأعراف:161] والقصة واحدة، وقوله تعالى: (واسجدي واركعي) [آل عمران:43] مع أن من شرعها تقدم الركوع، وقوله تعالى: (فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) [النساء:92] وقوله تعالى: أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) [المائدة:33]، وقوله تعالى: (والسارق والسارقة) [المائدة:38]، وقوله: (والزانية والزاني) [النور:2] ففي شيء من هذه المواضع لاتفيد الترتيب.
الرابع: السيد إذا قال لعبده: (اشتر اللحم والخبز) لم يفهم منه الترتيب.