اللفظ إذا دار بين المتخاطبين، وحصل فهم السامع منه، قيل: هو لفظ دال،

وإن لم يحصل قيل، ليس بدال، فقد دار إطلاق لفظ الدلالة مع الفهم كدوران [لفظ الإنسان مع الحيوان الناطق] وجودا وعدما، وسائر المسميات مع أسمائها، لا يقال: إن الدلالة غير الفهم،

لتعليلنا أن الدلالة بحصول الفهم، فنقول: هذا لفظ دال؛ لأنه مفهم،

والعلة مغايرة للمعلول؛ لأن التعليل قد يكون مع الاتحاد في كل حد مع محدوده، فنقول:

هذا إنسان؛ لأنه حيوان ناطق، وكذلك جميع الحقائق مع حدودها،

وإذا كان التعليل أعم من التغاير لا يستدل به على التغاير؛ لأن الأعم غير مستلزم للأخص.

احتج أرباب المذهب الآخر بأن الدلالة صفة للفظ، فيقال: لفظ دال،

وعلة ما ذكره الفريق الأول تكون الدلالة صفة للسامع، لأن الفهم صفة للسامع،

فهذا التفسير باطل قطعا، ويتعين أن الصحيح هو التفسير الآخر.

أجاب الفريق الآخر من وجهين:

أحدهما: أن الدلالة كالخياطة، والنجارة، والصياغة، وكما أن النجارة في الخشب،

والصياغة في الحلي، والخياطة في الثوب، والناجر والصائغ هو الفاعل،

وكذلك الدلالة مع السامع؛ لأنه موضع تأثير اللفظ، واللفظ هو الفاعل.

وثانيهما: أن تسمية اللفظ دالا باعتبار أنه [بحيث] إذا أطلق أفهم،

تسمية له باعتبار ما هو قابل له، فهو كتسمية الخمر مسكرا، والماء مرويا، وهو مجاز اتفاقا،

وتسميته دالا باعتبار أنه حصل الفهم في ذهن السامع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015