أهل الحِرَف وغيرهم، ومجمعون على إثباته لطائفة هي عند أهل العرف معروفة، ومن تحدد واتصف عندهم بتلك الصفة سموه فقيها، وإن لم يتصف قالوا: ليس بفقيه، والقضاء على المحال بالنفي أو الإثبات من جميع الناس فرع تصورهم ما لأجله ينفون، وما لأجله يثبتون، فتكون هذه الصورة التي لأجلها ينفون ويثبتون معلومة عند جميعهم، فهي معهودة، والمراد باللام تلك الصورة فصح أنها للعهد، فهذا تقرير هذه الصورة من حيث الإجمال، وأما من حيث التفصيل فقد أشار إليه سَيْفُ الدين بقوله في حده: جملة غالبة من الأحكام احترازا من الحكم الواحد ونحوه، ولم تتعيَّن هذه الجملة بمذهب معين، ولا بتصنيف معين، ولو طرأ مجتهد كما تقدم في السؤال صح أن مذهبه من حفظه منه جملة غالبة يسمى فقيها، وهذا أحسن الأجوبة، فإن جواب شرف الدين يَرد عليه أن أهل العرف إذا قيل لهم: مَن عرف حكما واحدا هل هو من أهل الفقه أو من العوام؟
قالوا: ليس هو من أهل الفقه، فيسلبون عنه الفقه، ولفظ الفقه لأصل المعنى لا لكونه سجيَّة، فلا يجد عنه جوابا كما وجده في لفظ فقيه، وهذا الجواب الأخير لا يَرِد عليه شيء من ذلك، ولا بد من تصور ورود هذه الأسئلة، والجواب عنها من استحضار قاعدة، وهو أن كل معنى قائم بمحل وجب أن يشتق له من لفظ ذلك المعنى لفظ، كمن قام به السَّوَاد سمى أسود، ومن قامت به الحركة سمِّى متحركاً، ويمتنع الاشتقاق لغيره كما يأتى تقريره، فلهذه القاعدة استدللنا بالسلب على عدم معنى الفقه، وبثبوت الاسم المشتق من لفظ المعنى الذي هو فقيه على ثبوبته، وإيراد السؤال في ((لام)) العملية أولى من إيراده في ((لام)) الأحكام؛ فإن ((لام)) الأحكام ليس المراد بها أحكام الفقه فقط، بل العقلية والفقهية، فالإيراد فيها غير