الأذهان، ووجود في البيان، ووجود في البنان، يريدون بالأخيرين النطق والخط، هذا بسط كلامه وتقريره.
وعليه سؤال، وهو أن أحد الأمرين لازم، أما عدم إهمال الوضع في هذه الأمور، أو بطلان دعواه أن هذه اشتركت في الاسم؛ لأن الاسم إن كان حقيقة في الأربعة بطل إهمال الوضع، لأن العرب حينئذ وضعت لها لفظات واحدا بطريق الاشتراك، وإن لم يكن حقيقة لزم إهمال الوضع، لكن لا تشترك هذه الحقائق في الاسم، فظهر أن العرب ما استوعبت المعاني التي تحتاج إليها، بل أهملت بعضها.
البحث الثاني:
ليس الغرض من وضع اللغات أن تفاد بالألفاظ المفردة ومعانيها إلى آخره عليه سؤالان:
الأول: مبني على قاعدة، وهي أن الوضع يوجب ملازمة ذهنية بين اللفظ، ومسماه عند العالم بالوضع، فمتى علم الوضع، وسمع اللفظ الموضوع ارتسم في ذهنه، فانتقل ذهنه لمسماه، فهذه هي الملازمة الذهنية.
إذا تقررت القاعدةة فنقول: الوضع مسبوق بالتصور، وحصول العلم بذلك المعنى الذي يقصد الوضع له، فيوضع له حينئذ، ثم بعد ذلك تطرأ الغفلات على الذهن، ويذهب ذلك العلم لطريان ضده على الذهن، فإذا سمع اللفظ حالة الغفلة انتقل ذهنه للمسمى، وتصوره بسبب الملازمة التي اوجبها الوضع، فيحصل علم بالمسمى بسبب ذلك، وهذا العلم هو غير العلم السابق على الوضع، وإن كان مثله فقد أفاد الوضع للمعنى العلم به، من غير دور، لأن العلم المتوقف عليه وهو السابق على العلم المتوقف وهو اللاحق، وفلا يلزم الدور الذي قاله، وظهر أن اللفظ يفيد معناه المفرد.