بحسب تفاوتهم في الحذق، ودقة النظر في مراسم الجدل، فمن خائض في الفقه كاشف عن ماهيته يستفيد الملازمة - كما سبق - في مقام القياس.
ومن متطرق يوري متن الطريق، ويأخذ بأطراف الكلام متمسكًا بالظواهر من القواعد الجميلة، ويطالب بتخريج الأمور على وفق الأصول.
فنقول: دليل الملازمة هو أن تقدير اختصاص أحدهما بالثبوت مستلزم اختصاص محل الثبوت لمؤثر، إذ بتقدير عدمه دليل القياس يقتضي التسوية في الثبوت، والأصل وجوب العمل بالدليل، وإذا لزم اختصاص بتقدير فرض التخصيص في الحكم فبيان الاختصاص هو أن الاختصاص يستدعي تقدير أمر مخصص، وتقدير اعتباره، وكل واحد منهما على خلاف الظاهر، لأن مسبوق بالعدم، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
فيتمسك به إلى أن يدل دليل على خلافه، وهو أيضًا - على خلاف الدليل؛ إذ الأصل عدمه، ولئلا يلزم منه التعارض، وإذا ثبتت الملازمة فهي مادة التعاند من كل واحد منهما، ونقيض الآخر.
فيتقرر به - أيضًا - نمط التعاند، هذا إذا كان النظر في ثبوت الحكم، فإن كان النظر في انتفاء الحكم، فلتلازم بين الثبوت في محل النظر والثبوت في محل الانتفاء، بالإجماع بناء على نفي اختصاص محل النظر مما يدخل في المؤثر بالطريق الذي ذكرناه إليه الخبرة في صناعة التصوير في أي نمط شاء، فهذان بالطريق حقيقيان يطردان في جميع أحكام الفروع نفيًا، وإثباتًا من الطرفين، وليس يرجع إلى اللعب، ولا إلى مناكرة الحبس، ولا مكابرة العقول، بل هو بلطف في إلجاء الخصم إلى طريق المعارضة؛ ليستريح هو إلى مجرد مؤنة التقرير فيها، ومن واجب هذا النظر أن يوضع حيث لا ينتشر على الخصم إظهار ما يخالف هذا الأصل تفصيلاً؛ فإنه إذا جاء التفصيل طاش هذا الإجمال. والله الموفق للصواب آمين.