وتاسعها: قال جابر: لما قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن ماعزًا رجم، فقال: (هلا تركتموه؛ حتى أنظر في أمره) فلو لم يكن حكم الرجم إليه، لما قال ذلك.
وعاشرها: قوله - عليه الصلاة والسلام-: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، وعن لحوم الأضاحي، ألا فانتفعوا بها).
وأما الذي يدل على وقوع ذلك من غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقوله تعالى:} كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه {.
وأما الذي يدل على الجواز فقط: فأمور:
أحدها: أن الواجب من خصال الكفارة ليس إلا الواحد بالدلائل التي تقدم ذكرها في مسألة الواجب المخير، ثم أنه تعالى فوضها إلى المكلف، لما علم أنه لا يختار إلا ذلك الواجب؛ فدل على أن ذلك جائز.
وثانيها: أن الواجب في التكليف أن يكون المكلف متمكنًا من الخروج عن العهدة، فإذا قال الله تعالى له: (احكم؛ فإنك لا تنفك عن الصواب) علم أن كل ما يصدر عنه صواب؛ فكان متمكنًا من الخروج عن العهدة؛ فوجب القطع بجوازه.
وثالثها: إذا استوي عند المستفتي مفتيان، وأحدهما يفتي بالحظر، والآخر بالإباحة - فهو متمكن شرعًا من الأخذ بقول أيهما أراد، ولا فرق في العقل بين أن يقال: (افعل ما شئت؛ فإنك لا تفعل إلا الصواب) وبين أن يقال: (خذ بقول أيهما شئت؛ فإنك لا تفعل إلا الصواب).