قلت: هذا محال؛ لأن مع ذلك القدر من الأولوية، إن امتنع النقيض، فهو الضرورة؛ وقد فرضنا أنه ليس كذلك.

وإن لم يمتنع، فمع ذلك القدر من لأولوية يصح عليه الوجود تارة، والعدم أخرى، فحصول أحدهما بدلاً عن الآخر: إن توقف على انضمام قيد إليه لم يكن الحاصل قبله كافيًا في تحقق الأولوية، وإن لم يتوقف، كانت نسبة ذلك القدر من الأولوية إلى طرفي الوجود والعدم؛ على السوية، فترجيح أحدهما على الآخر، لا لمرجح زائد -يكون ترجيحًا لأحد طرفي الممكن على الآخر، لا لمرجح؛ وهو محال.

وأما الوجه الثاني: فغاية ما في الباب: أنه يمكن تحقق عدم الحادث بطريقين، ولا يمكن تحقق عدم الباقي إلا بطريق واحد؛ فلم قلت: إن هذا القدر يقتضى أن يكون الباقي راجحًا في الوجود على الحادث؟.

سلمنا أن ما ذكرتموه يقتضى رجحان الباقي على الحادث من ذلك الوجه؛ لكنه يقتضى عدم الرجحان من وجه آخر.

بيانه: أن الباقي لا يصدق عليه كونه باقيًا، إلا إذا حصل في الزمان الثاني، فحصوله في الزمان الثاني أمر حادث، فإذا لم يكن وجود الحادث راجحًا، فالمتوقف على ما لا يكون راجح الوجود، لم يكن هو أيضًا راجح الوجود؛ فيلزم ألا يكون الباقي راجح الوجود.

سلمنا أن الباقي راجح الوجود؛ ولكن ما لم يتحقق كونه باقيًا، لا يتحقق كونه راجح الوجود، وهو إنما يصدق عليه كونه باقيًا، إذا حصل في الزمان الثاني، فالحاصل أنا ما لم نعرف وجوده في الزمان الثاني، لا نعرف كونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015