ولأنه لو لم يجب، لزم جواز ترجيح المرجوح على الراجح، وإنه غير جائز في بديهة العقل، ولأن العمل بالقياس، وخبر الواحد، والشهادة، والفتوى، وسائر الظنون المعتبرة؛ إنما وجب ترجيحًا للأقوى على الأضعف.

وهذا المعنى قائم هاهنا؛ فيلزم ثبوت الحكم هاهنا أيضًا، وهو وجوب العمل به.

فإن قيل: (لا نسلم أن العلم بتحقق أمر في الحال يقتضى ظن بقائه في الاستقبال):

قوله: (لأن الباقي مستغن عن المؤثر):

'ن عنيتم به: أن كونه: باقيًا مستغن عن المؤثر، فهذا ممنوع.

وأيضًا: فهو مناقض لقولكم: _الحادث مفتقر إلى المؤثر؛ لأن كونه باقيًا، لم يكن حاصلاً حال حدوثه، ثم حصل بعد أن لم يكن؛ فيكون حادثًا، وأنتم قد اعترفتم أن الحادث لابد له من مؤثر.

وإن عنيتم بقولكم: (الباقي مستغن عن المؤثر) شيئًا آخر، فبينوه؛ لننظر فيه، نزلنا عن الاستفسار؛ فلم لا يجوز أن يقال: الباقي له مؤثر؛ ولذلك المؤثر أثر؟.

قوله: (ذلك الأثر: إما أن يكون شيئًا، ما كان حاصلاً، أو كان حاصلاً):

قلنا: لم لا يجوز أن يقال: ما كان حاصلاً؟ وذلك لأنه لا معنى لبقائه إلا حصوله في هذا الزمان بعد أن كان حاصلاً في زمان آخر قبله؛ لكن حصوله في هذا الزمان ما كان حاصلاً قبل حصول هذا الزمان؛ فإذن: كونه باقيًا أمر حادث، فأثر المبقى هو ذلك الأثر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015